الفهلوى

الفهلوى

فاطمة عمارة

حكى احد المحاضرين المصريين فى مايكروسوفت عن تجربته فى مؤتمره الاخير
ان المنسقة طلبت منه الدخول مكان محاضر لم يأتى وانه اكد ان الموضوع فى
مجال غير تخصصه وليس هناك وقت للتحضير فأجابته ببساطة (انا مؤمنة بيك) ..
ولما انتهى سألها عن سبب اختيارها له ظنا منه انها ستجيبه ان السبب ببساطة
ذكاؤه اومهارته إلا انها قالت (العرب عموما والمصريين خصوصا عندهم القدرة
ان يفتوا في أي حاجة وليس لديهم عنها اي فكرة ويقولوا كلام غلط ومع ذلك
يبانوا قدام الناس انهم بيفهموا .. وانت المحاضر العربي الوحيد اللي
معانا).


حقيقة
مؤلمة وخاصة ان تكون شهرتنا اننا " شعب فهلوى" نفهم فى كل شئ ..نبرع فى
نسج الحكايات وخاصة حكايات البطولات الشخصية ..نتحدث بمنتهى الثقة عن
لقاءنا بفلان او علان المسئول الكبير وكيف استطعنا ان نجعله طوع يدنا وان
ينفذ رغبتنا دون اى مجهود.
ومعنى
فهلوى فى معجم المعانى الجامع محتال ، ماهر وبارع ، شاطر ، قادر على
التكيُّف السريع مع متغيّرات المجتمع  ..وهى كلمة مأخوذة من الفهلوية وهي
اللغة الفارسية القديمة وتستعمل بشكل عامي للدلالة على الخبرة والمعرفة
فكأن الذي يعلم اللغة الفهلوية يعلم اشياء ولديه خبرات لا يمتلكها الكثير
من الناس .
استخدمت
الكلمة فى البداية لوصف العمال المهرة فى مجالهم ثم تحولت لتصف مدعى
المعرفة وقدرة الشخص على الحصول على ما يريد مقابل القليل او بدون مقابل
على الاطلاق، ولم تعد حكرا على مجموعة معينه فتساوى المتعلم والمثقف
والعامل والجاهل ..واعتبر أن كل ما يحصل عليه نجاح وتميز استحقه بجدارة ..
ولا يكتفى الفهلوى بحكايه صولاته وجولاته ولكنه يشهد جمهوراً ليكونوا
شهوداً على هذا النجاح.. وكلما قلت الرقابة او كانت ضعيفة زادت الفهلوة.
وتستطيع
ان تميز تلك الشخصية بسهوله فهو يهتم بمظهره الخارجي زيادة عن المألوف
،ويفهم في العديد من المهن والحرف ولديه كل الخبرات والمعارف، يتمتع بقدر
كبير من الذكاء الاجتماعي والقدرة علي المسايرة ،ينتقد عمل الآخرين
كثيراًولا يعجبه شغل غيره، الحرفي الفهلوي يعمل دائما منفرد اولا يحب العمل
ضمن مجموعة ،أسلوب عمله يتلخص في أداء العمل بأقصر وأيسر الطرق علي حساب
أصول المهنة.
نسعى
كافراد للتقدم والسبق فى مجالات حياتنا المختلفة الا ان الطرق التى يتخذها
كل منا مختلفة..يفضل البعض اسلوب التحايل او الكذب كطريقة للحياة إلا أنها
لا تجتمع مع القيم العليا كالأخلاق والعدل والمساواة ..ولا يصل معظمهم الى
النجاح الحقيقى .. ولهذا نجد أن مجتمعنا يزداد انهياراً فى الاخلاق كلما
زاد عدد "الفهلوية" الذين اصبحنا نراهم بكثرة فى كافة المجالات يظهرون على
شاشات التلفزيون المختلفة... يغيروا آراءهم حسب البرنامج الذى
يستضيفهم..ولذلك أصبحنا فى حاجة ماسة الى دراسة هذه الظاهرة المتفشية
لمعالجتها من الجذور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة