إبن تائه وأب حائر

إبن تائه وأب حائر:

إبن تائه وأب حائر



فاطمة عمارة

يبدأ الآباء والآمهات فى نسج أحلام لمستقبل أبنائهم
مع أول مرة يحملوهم فى أيديهم ، وتكبر الأحلام لتصبح خطط وتُرسم الخطوات لتحقيقها
.. ومع أول خطوة يخطوها الصغار يبدأ التنفيذ .. فكل ما يمارسه الصغار من رياضة خطط
له الكبار أما لاستكمال مشوار الأب أو الأم أو لتحقيق حُلم داعبهم ولم ينجحوا فى إتمامه
أو استكماله .. وللأسف البعض يتجاهل ميول أبنائهم وخاصة إذا كانت هذه الميول فنية
. ينجح كثيرون فى أسلوب دفع الأبناء فى تجاه تحقيق المخطط عندما يتوافق مع أحلام
الصغار الشخصية ولكن هناك حالات يتمرد الأبناء على خارطة الطريق المرسومة لهم
ويقرروا أن يحيدوا عنها فلا يورثوا مهنة الأهل ويبعدوا تمام البعد عن هوايتهم
ويقرروا تحقيق أحلام شخصية .. بعض التمرد أساسه العند والبعض الآخر لهدف تحقيق
الذات ولكن ينتج عن الأثنين أبن تائه وأب حائر وقنوات اتصال معطلة .

سَعي لإرضاء لا يتحقق يبذله الأبناء ويضن به
الآباء فسقف التوقعات مرتفع والمجهود المبذول من الصغار لا يوازي الجهد المادي
الذي يمنحه الآباء وضاع وسط الماديات احتواء وتفهم واستيعاب لاختلاف جيل وزمن
تتسابق فيه المغريات وتعلو تطلعات الأبناء لاتجاهات معاكسه لأحلام الآباء وتأتي
اللحظة التي تتحطم جميعها علي صخرة الواقع والامكانيات .

والمشكلة ببساطة رغبه أهل في نقل خبرة حياتية
ليحموا صغارهم مرار تجربة أو ألم سبق اختباره في حين تكمن رغبة هؤلاء الصغار في
بناء حياة خاصة بهم متكاملة الأركان من انتصارات وخذلان فقد شبو عن الطوق في سن
مبكرة عن آبائهم فكل ما حولهم يدفعهم للنضج السريع ولا يهم ما لم يختبروه من حلاوة
فترة عمريه تم تخطيها من وجهة نظر الكبار .. وكل ما ينتظروه نظرة فخر لنجاح تجاوز
مرحلة بسلام او حتي بأقل الخسائر الممكنة وإذا حدث وكان الفشل نصيب يكون الدعم
والمؤازرة في انتظارهم ففي النهاية أهلهم هم صخرة دعمهم في تلك الحياة التي
يتخبطوا فيها . 

وفِي وسط سباق الحياة يتحين الوالدان كل
فرصة لضمان مستقبل الأبناء ويستخدموها عند الحاجة لجلدهم بالعبارة الشهيرة "أحمد
ربنا أن اهلك عملوا لك حاجة في حياة عينهم " ونسي الأهل معاناتهم هم في بناء
أنفسهم فشعروا بقيمة كل خطوة أخذوها في الطريق وحرموا أبنائهم من تلك اللذة بدعوي
مساعدتهم واستثمار للمستقبل .. خلق هذا جيل أنانى تعلم الأخذ بلا عطاء في حين أن
الاستثمار الأنجح هو استثمار الأبناء في حد ذاتهم بناء شخصيات سوية مسئولة تعرف ما
لها وما عليها تمنح قبل أن تأخذ تتعلم كيف تقف بعد السقوط وتتخذ من فشلها ركيزة
لانطلاقة جديدة تحقق النجاح ، كما يعتبر الأهل رفض ابنائهم لشكل معين من المساعدة
نوع من انواع الجحود وليس رغبة فى تحقيق الذات.

لا نستطيع بكل تأكيد وضع مقياس أو معيار
محدد لنقيس نجاحنا فى تربية أولادنا ولكن الاساس أن نمنحنهم ركيزة قوية من الأخلاق
وننتقى من العادات ما هو صالح لزمنهم ، نختار أن نكون فى حياتهم مرجع يُستشار عند
الحاجة ودفة توجه عند اللزوم .. نغرس فيهم كيف يفكروا ويخططوا لمستقبلهم والأهم
كيف يكتشفوا انفسهم، نبحث عن أرض مشتركة ولغة حوار بسيطة نستوعب رغباتهم وتمردهم
فقد يكون فيه تميز ويكون هو النجاح والانطلاق لهم. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة