رحلة الحياة

رحلة الحياة:



رحلة الحياة
فاطمة عمارة

تأتى لحظة تقف فيها بمنتصف الطريق، وتتساءل كيف يمكنك الاستمرار؟. كل شيء يسير خلافا لما رسمت أو توقعته، وتكبر اللحظة وتمتد وتصبح دقائق ثم ساعات، حتى تكسو كل أيامك، فتحيا حياة لا روح فيها ولا أمل، وتدور في دائرة من التحسر ولوم النفس مرددا: "لو كنت أعرف، كنت فعلت كذا وليس كذا"، وغيرها من جمل الندم.
قف وأسأل نفسك سؤالا واحدا: ما الحياة بالنسبة لك؟، هل هى أسرتك، عملك، نجاحك، أم ماذا؟. حدد ما الأهم، فمن الطبيعي أن تفاجئنا الحياة بالمتغيرات، وهذا ليس الجزء الصعب فيها، لكن أن نرتب الأهم هو الأصعب. بعدها عليك أن تعرف إجابة سؤال: ما السعادة؟. قد تكون فى طعام تحبه، مكان ترتادة، أشخاص تصحبهم أو مجرد كتاب أو معزوفة موسيقية تسمعها، وقد يكون كل هذا مجتمعين، المهم أن تعرف أين تجد سعادتك.

قد تجد أن السؤال فلسفى ذو طابع وجودى، لا أخفيك سرا إنه كذلك، ولكن من قال إن الحياة لا تحتاج بعض الفلسفة لفهمها، وإذا كان كبار الفلاسفة خلصوا إلى أن فهمها معضلة، فكيف نكون نحن؟، هذا ليس إدعاءً، فالفليسوف الفرنسي كلود برنار قال إنه يمكننا وصف الحياة، ولكن ليس من الممكن أن نُعرفها، واعتبرها شبنهاور أنها فوضى وبلا معنى.

الحياة رحلة يصاحبنا فيها بعض الأشخاص، نتخذ منهم الصديق والحبيب وفيهم الأهل، منهم من يُكمل معنا رحلتنا إلى النهاية، ومن يتركنا فى نقطة ما لأسباب عديدة ومختلفة سواء رضينا بهذا أو لم نتقبله، فدورهم فى حياتنا انتهى، ولكن كلهم –من رحل ومن بقى- تركوا داخل كل منا بصمة وأثر إيجابى أو سلبى، نتعلم من البعض ونُعلم غيرنا وفي النهاية جميعنا عابرون في حياة بعضنا البعض.

ولأنها رحلة فهى تختلف فى أعينا كل حسب مكانه فيها، ونظرته لما حوله من أحداث وأشخاص، فمن ينشغل بمشكلته ويحصر تفكيره فى نفسه وما يواجهه من أمورها، يرى جانبها المظلم فقط، أما من يوسع أفقه ويرى جانبيها السلبى والإيجابى فيستمتع برحلته، وبمن يرافقه فيها مهما تغيروا بالزيادة أو النقصان، ويصف الإمام الشافعى الحياة قائلاً:

وتضيقُ دُنيانا فنحسَبُ أنَّنا             سنموتُ يأساً أو نَموت نَحيبا

وإذا بلُطفِ اللهِ يَهطُلُ فجأةً             يُربي منَ اليَبَسِ الفُتاتِ قلوبا

فعندما تدور دائرة الحياة وتفاجئك بتغير الأحوال، فكل ما عليك هو التقاط أنفاسك والبعد خطوات قليلة والبحث عن زوايا أخرى لهذا التغير فلعله خيرا أراده الله لك، ولكن انغماسك فى تفكير وحيد يجعلك تغفل الحكمة وراءه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة