كيف رأى الغرب حرب أكتوبر؟

قراءة في الصحف العربية والاجنبية

فاطمة عمارة

الصحف سجل احوال للأحداث ومجريات الزمان، وارشيفاتها شاهد عصر، نتجول بين عناوينها الرئيسية لنرسم صورة لما كان عليه الواقع.

ويمر اليوم واحد خمسون عاماً على انتصار أكتوبر المجيد، فكيف رأى العالم ما حدث يوم العبور؟

اصابت الضربة الأولى العالم بذهول، فلم تكن هناك أية إشارات تدل على قرب التحرك العسكري سواء من الجبهة المصرية أو الجبهة السورية، وهذا ما أعلنت عنه الصحف الصادرة في اليوم التالي لها في 7 أكتوبر 1973.

وخرجت صحيفة "الرأي" الاردنية بمانشيت رئيسي (اندلاع الحرب) وشرحت على خريطة مرفقة لسيناء تقدم القوات المصرية ووضحت في خبرها الرئيسي أن القوات المصرية عبرت قناة السويس وحررت الضفة الشرقية، وأن القوات السورية استعادت جبل الشيخ وعدة مواقع في الهضبة السورية المحتلة، وتابعت اعتراف ديان بوقوع خسائر كبيرة في قواته وتحرير عدة مناطق محتلة، وفي نفس الوقت متابعة الملك حسين لتطورات الموقف ووضع القوات المسلحة الاردنية في حالة استنفار فوري، وهو ما أكدت عليه جريدة الصباح الاردنية مع افراد صفحتين لتفاصيل المعركة.

أما جريدة القدس الفلسطينية، فكان المانشيت الرئيسي لها (اندلاع الحرب على جبهتين السويس والجولان، قوات مصر تعبر السويس وقوات سورية تتقدم في الجولان، معارك برية وجوية وبحرية ضارية- اسرائيل تتوقع استمرار القتال عدة ايام، امريكا تفشل في سعيها لوقف الحرب وتجري اتصالات عاجلة مع روسيا- احتمال عقد مجلس الامن.

وبلغ الملك فيصل امريكا ان البركان الهادئ سوف ينفجر ويهدد بحرب عالمية إذا لم تنسحب إسرائيل.

ونقلت جريدة الصباح الاردنية في 8 أكتوبر 1973 تدمير 100 طائرة إسرائيلية ووقوع 9 طيارين أسرى إسرائيليين في الجبهتين، واشادة الملك الحسين ببسالة القوات المصرية والسورية، ووصول وحدات جوية جزائرية لمصر، ومطالبة ألمانيا وبريطانيا مجلس الامن بعقد اجتماع عاجل، أما جريدة الرأي فقد تصدر صفحتها الاولى انتصارات ساحقة على الجبهتين، تقدم القوات المصرية واسقاطها 57 طائرة وتدميرها 92 دبابة واسرها عدد من جنود العدو واستسلام آخرون، وكذلك توغل القوات السورية في الجولان واسقاطها 43 طائرة.

(مصر تحرر القنطرة و5 مواقع) سبق الاعلان عن تقدم مصر شعار جريدة الصباح ليوم 9 أكتوبر، واكدت اسقاط الاردن لطائرتين إسرائيليتين، وتلتها اخبار (العلم المصري يرفرف على سيناء واسقاط 159 طائرة اسرائيلية على الجبهتين واستمرار معارك التحرير واستعادة الاراضي المحتلة، واكدت جريدة الرأي رفع العلم المصري على القنطرة وتدمير آبار بترول سيناء واسقاط 24 طائرة والعدو يقصف احياء بورسعيد.

وتصدر  الصفحة الاولى لجريدة الاتحاد الفلسطينية  تصريح (الاتحاد السوفيتي رسميا: حكام إسرائيل يتحملون النتائج)، الدول الاشتراكية ودول عدم الانحياز تعلن: على إسرائيل الانسحاب كليا لكي توقف اطلاق النار!، الكتلة الشرقية تطلب انعقاد الكنسيت حالا لوضع حد لسياسية الاحتلال والضم المسئولة عن تجدد القتال، استمرار المعارك على القناة والهضبة لليوم الثالث، تضارب البيانات عن سير القتال على الجبهتين فبينما اعلنت القيادة الاسرائيلية ان قواتها انتقلت من الدفاع إلى الهجوم وانها تقوم الان بتصفية القوات المصرية التي عبرت قناة السويس والسورية التي دخلت الجولان اعلنت القيادة المصرية أن الضفة الشرقي كله من قناة السويس اصبح في ايديها وبما في ذلك مدينة الاسماعيلية واعلنت القوات السورية صد كل الهجمات الإسرائيلية المضادة، وتعترف كل الجبهات بانها تخوض معارك من اقسي المعارك في تاريخيها.

واعترف الجنرال موشية ديان في بيان اذيع مساء السبت (6 أكتوبر) بعد ساعات من نشوب الحرب بالنجاحات التي احرزتها القوات المصرية والسورية وقال: "تجرى الان معارك عنيفة في الجبهتين المصرية والسورية، وتقف امامنا قوات كبيرة من الناحية العددية ومن ناحية التجهيزات ولا اعرف كم عدد الذين اشتركوا في هاتين الجهتين، ولكن المصريين حوالي ربع مليون جندي في القناة" وقال ديان ان المصريين هم الذين بدأوا الحرب، لذلك فقد نجحوا في اجتياز القناة.

الصحف الاجنبية

وظهرت المفاجأة جلية في المنشتات الرئيسية للصحف الامريكية والعالمية الصادرة اليوم الاحد 7 أكتوبر 1973، وتصدر اخبار اليوم الاول من المعركة الصفحات الأولى، فقالت جريدة نيويورك تايمز:

(معركة بين العرب وإسرائيل على الجبهتين، المصريين بنوا جسر على السويس، وضربات جوية مكثفة)

أكدت على مفاجأة الولايات المتحدة وناشدت مصر وإسرائيل وقف الصراع، وأجرى وزير الخارجية الأمريكي اتصالات مع وزراء الخارجية المصري والإسرائيلي، وأشارت تقارير إلى نشاط دبلوماسي مكثف من الجانب الأمريكي في محاولة لاحتواء – ما وصف- "معركة ثقيلة جدا في كل من الارض والجو."

أعلنت الحكومة المصرية أن القوات الإسرائيلية هاجمت القوات المصرية والسورية على طول الخطوط الأمامية بينهما، وقالت في سلسلة من البيانات بالإذاعة أن قواتها عبرت القناة ورفعت العلم المصري في الجبهة الشرقية، أن عبور القناة خط وقف إطلاق النار كان لصد المحاولات الإسرائيلية للهبوط للضفة الغربية المصرية.

أما العناوين الرئيسية للجريدة اليهودية "الاخبار" الناطقة الالمانية (هجوم سوري مصري كبير على إسرائيل، جسور على الضفة الشرقية للقناة، حشد قوات الاحتياط، القتال على الجبهتين الشمالية والجنوبية.

والعدد الأسبوعي أوبسرفر فكان المانشيت الرئيسي له (الدبابات المصرية فوق قناة السويس)

أكدت أن قتال عنيف في البر والبحر والجو بين إسرائيل من جهة وسوريا ومصر من جهة اخري، وادعاء كل جانب أن الآخر بدأ القتال الذي بدأ في قناة السويس الساعة 1.50 بعد الظهر بالتوقيت المحلي، وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي الليلة إن مدرعات مصرية عبرت قناة السويس من عدة أماكن في القطاعين الشمالي والوسطى، حيث أقاموا جسرين تدفق عبرهما العربات المدرعة والرجال.

وفي مؤتمر صحفي، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، الجنرال موشيه ديان أن إسرائيل تعتبر نفسها في حرب واسعة النطاق وتتوقع النصر في الأيام القليلة المقبلة. يهدفون إلى الفوز في هذه المرحلة ويحاولون إيقاف الجانب الآخر. 

وخصص العدد الأسبوعي من جريدة دايلى نيوز الأمريكية صفحته الأولى للإعلان عن الخبر:

(اندلعت الحرب في الشرق الأوسط .. مصر وسوريا تحاربا إسرائيل)

وفي تفاصيل شغلت عدة صفحات داخلية مصحوبة بصور عن المعارك اكدت الصحيفة عبور القوات المصرية قناة السويس وشن القوات السورية هجومًا على الحدود الشمالية لإسرائيل، و"غزو المصريين والسوريين" المناطق تحت السيطرة الاسرائيلية.

وأفردت جريدة دايلي تلجراف البريطانية تفاصيل في عددها 8 أكتوبر:

(ألف دبابة سورية في "الحرب الكبرى" على مرتفعات الجولان.

درع مصري "في فخ سيناء" والقوات الإسرائيلية تنسحب من قناة السويس)

وتشير التقارير إلى تقدم القوات المصرية في قناة السويس، تشير مصادر إلى أن القتال مستمر بشدة على جبهتين وتباين عدد الجنود والمعدات بين الجانبين. تلقت مصر وسوريا دعمًا من دول عربية أخرى، بينما بدا الأردن محافظًا على موقفه الحيادي، وأعلنت محطة الإذاعة الرسمية الإسرائيلية في بث باللغة العربية للقوات المصرية بالقناة أن "صحراء سيناء واسعة، وكذلك الفخ الإسرائيلي، فتعالوا".

ومن ناحية أخري أبحرت حاملة طائرات وثلاث مدمرات من الأسطول السادس الأمريكي إلى "نقطة احتجاز" قبالة قناة السويس، واتى الدعم لـمصر وسوريا من الدول العربية الأخرى، فالطائرات العراقية والجزائرية والقوات الكويتية في جبهة السويس والمغاربة مع سوريا.

في ظل هذه التطورات، طالبت بريطانيا والولايات المتحدة بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمناقشة وقف إطلاق النار، في حين عرقل الروس والصينيون اقتراح بإصدار نداءً لوقف إطلاق النار.

قد تؤدي هذه الأحداث إلى نقص في إمدادات النفط من الشرق الأوسط وأوضاع اقتصادية صعبة في المنطقة. تم استدعاء الرجال في إسرائيل للتعبئة الجزئية في ظل هذه الأزمة المستمرة.

أما صحيفة الدايلي ميل  البريطانية أشارت إلى تضار بالتقارير حول مجريات المعارك على الجبهات المختلفة تحت عنوان (إسرائيل والعرب كلاهما يدّعيان الانتصارات) حيث ادعى الاسرائيليون سيطرتهم على الضفة الشرقية لقناة السويس وضرب جميع الجسور المصرية ومحاصرة قواتها في سيناء وانسحاب السوريين إلى دمشق، وأعلنت مصر توغل دباباتها في عمق سيناء تحت غطاء من الطائرات الحربية، وان قواتها "تسيطر بشكل كامل" على الضفة الشرقية وانها كبدت إسرائيل خسائر فادحة، وفي نفس الوقت اعلنت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية أن الإسرائيليين ما زالوا يقاتلون قوات الكوماندوز المصرية التي هاجمت شرم الشيخ في الطرف الجنوبي من سيناء في اليوم الأول للحرب.

تصدر جريدة دالي نيوز الامريكية العنوان (احتدام القتال في سيناء والجولان الولايات المتحدة تدعو الأمم المتحدة إلى إنهاء الحرب؛ اليهود والعرب في الاحتجاجات (

تحت عنوان (دبابات الغزو "معزولة" في سيناء) ذكرت جريدة جارديان أن الجنرال حايم حيرزوج المتحدث العسكري الإسرائيلي ادعى أن إسرائيل عزلت القوات المصرية التي تقاتل في سيناء بعد تحطيم الجسور، وفي نفس الوقت صرح المتحدث العسكري العربي أن القوات الجوية المصرية والسورية دمروا ما يقرب من خمس الطائرات الحربية الاسرائيلية، وتحرك الأسطول السادس الأمريكي مع استمرار القتال في الجولان وسيناء، وعلى مستوى التحرك الدبلوماسي طالب الرئيس الامريكي نيكسون من وزير الخارجية كسينجر لعرض المشكلة على مجلس الامن.

غلاف مجلة التايم الأمريكية الصادر في 15 أكتوبر معبرا عن الحرب

المقال الرئيسي كان بعنوان "الحرب في الشرق الأوسط" وتصدره صورة وزير الدفاع ديان وأخرى لمستوطنة إسرائيلية تحترق في هضبة الجولان بعد أن قصفتها القوات السورية، وقد بدأ بشرح كيف اندلعت الحرب في يوم العيد المقدس لليهود. وأشار المقال أيضًا إلى توغل القوات المصرية ومهاجمة الجنود السوريين في الجولان وتقدمهم في إسرائيل. كما واصل المقال وصف الحرب وتمركز المصريين لشبه جزيرة سيناء وتحرك القوات السورية عبر الجولان. ورغم إصرار مصر وسوريا على أن القوات الإسرائيلية بدأت الحرب، إلا أن الأدلة تشير إلى أن الحرب اندلعت بسبب هجوم عربي واسع النطاق. وفيما يتعلق بتعامل الحكومة الإسرائيلية مع الأزمة، حافظت الحكومة على الهدوء الخارجي وأظهرت ثقة مقنعة، وعلى صعيد الاستخبارات، لاحظت المخابرات الإسرائيلية تعزيز قوات العدو على الحدود قبل الهجوم العربي. وأخيرًا، أشارت إلى اجتماع تم عقده في واشنطن للعمل على إدارة الأزمة وتواصل مع ممثلي الأمم المتحدة. كما تم الاعتراف بنجاح العرب في الحرب الدعائية واستنزاف التعاطف العالمي لإسرائيل بسبب ردود أفعالها الحادة وغير المرنة.


https://www.facebook.com/share/r/kPwPHSvDvaRxTSup/

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة