نحن وابنائنا وحرية الرأى

نحن وابنائنا وحرية الرأى

إن
تربية الابناء اكبر تحدى يواجه الانسان .. وليس هناك مقياساً ثابتاً او
محدداً لنجاحنا فيه .. قد يعتبر البعض انه احسن التربية بغرس مبادئ الدين
والاخلاق فى ابنائه ، والبعض الاخر يرى ان نجاحه الحقيقى فى انه استطاع ان
يجعل منهم اطباء ومهندسين وغيرها من المهن ذات الشأن .. اما النجاح الحقيقى
من وجة نظرى فهو قدرة ابنائى على اخذ قرارتهم وتحمل مسئولية هذه القرارات
وابداء الرأى بلا خوف او تردد.

عندما رزقنى الله بالابناء عقدت العزم ان اخذ رأيهم فيما يخصصهم من قرارات
.. بدأت بما يفضلوا من الوان للملابس تلتها خطوة اختيار ما يرتدوه للخروج
لتنتهى باختيار ما نشتريه لهم .. كل هذا فى سنوات عمر مبكرة رافقها محاولة
لتعليمهم المشاركة والمشاورة فى الجلسات العائلية كسؤالهم عما يقترحوا ان
يكون غذائهم فى اليوم التالى او مكان للتنزهة ثم اجراء اقتراع للفصل بين
الاراء المختلفة .. وبالطبع تطور امور المشاورة والمناقشة مع تطورهم العمرى
والذهنى.

إن التفكير فريضة اسلامية .. شرحها الكاتب الكبير عباس محمود العقاد فى
كتاب يحمل نفس الاسم والذى اكد فيه أن القرآن الكريم لا يذكر العقل إلا فى
مقام التعظيم والتنبيه الى وجوب العمل به والرجوع اليه، كما يحدد خصائص
العقل فى ثلاث امور هى الادراك ، التأمل والرشد.. ويقول أن فريضة التفكير
فى القرآن الكريم تشمل العقل الانسانى بكل ما احتواه من هذه الخصائص.

اذن كيف ندرب ابنائنا على هذه الفريضة اذا فرضنا آرائنا وافكارنا عليهم؟
أليس من حقهم ابداء الرأى فيما يدور حولهم من احداث ، تلك الاحداث التى
ستؤثر فى مستقبلهم؟ يتعامل البعض مع ابنائهم باسلوب القرارات السيادية ..
فالاب – صاحب السلطة فى المنزل – يصدر فرماناً بعدم  السماح للابناء
بالذهاب فى رحلة مدرسية ويرفض المناقشة ولا يبدى اى سبب لهذا الرفض ..
فيخلق بلا ان يشعر ابناء مسلوبى الارادة ، فاقدى القدرة على المناقشة او
اعمال العقل وابداء الرأى .. فى حين اذا وضح لهم أسباب رفضه والتى قد تكون
مادية او خوفاً عليهم سيتفهم الابناء بالطبع بعد مناقشة جداليه القرار ..
ويمكنهم توضيح وجهة نظرهم ووضع حلول حتى يحولوا هذا الرفض الى قبول.

قد يرى البعض ان هذه الامور بسيطة ولا تهم .. ولكنها ببساطتها تغرس أسس
التعامل فى المستقبل. فالأبناء يكبرون ويواجهوا ما هو أكبر من اختيار
الطعام والشراب والتنزه فاذا لم يتم تدريبهم على التفكير لن يمكنهم مواجهة
الحياة فى مجتمع دائم التغير .. ولا ننسى قول الامام على بن أبى طالب  كرم
الله وجه ( لا تُربوا ابنائكم على طبائعكم ، فقد خُلقوا لزمان غير زمانكم) .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة