هربان من التعليم

هربان من التعليم
هربان من التعليم
فاطمة عمارة
اصبحت خدمات التوصيل إلى المنزل من الضروريات الحالية فى كل بيت .. وتشغل ارقام هواتف الصيدليات ،البقالة ، المكوجي وحتى الخضري والفكهاني مساحة أكبر من غيرها فى اجندة تليفونات أى منزل .. وبالتالي اصبح عامل التوصيل مهنة سهلة لمن لا مهنة له .. ولمن يرغب في زيادة دخل الاسرة بزيادة الايدى العاملة .
استوقفنى الاسبوع الماضى وجه جديد لصبي ارسله البقال بطلبي .. كان من الواضح إلتحاقه بالعمل حدثيا لاحظت حُسن هندامه وأدبه البادي على وجهه .. فسألته عن المدرسة ظناً مني أنه يعمل في الفترة المسائية ووجدت الاجابة أنه ترك المدرسة وخجل من ذكر السبب .. تأكدت منه أنه بالصفوف الاعدادية وحاولت أن أجعله يتحمس للعودة فخسارة أن يترك مقاعد الدراسة الان .
هذا الحوار دفعني للتفكير .. ما الذى يجعل فتى في مثل مظهره أن يترك الدراسة؟ وفاة العائل ؟ أم الحمل الذي بات يثقل الاكتاف فلم يعد التعليم الاساسي مجاني كما هو مفروض أن يكون لدولة تسعي للتقدم ؟ أعلنت وزارة التربية والتعليم فى أخر احصائية لها في 2015 أن 2 مليون طالب متسرب من التعليم وأغلبهم فى الصعيد.. ولكن بدون احصاء رسمي فقد بات الامر فى ازدياد بمجرد أن نركز فيما يحدث في المجتمع حولنا .
عندما نتحدث مع حارس العمارة وعامل النظافة والسيدات اللاتى يساعدن فى تنظيف البيوت سنعرف أن الطفل فى المدرسة الحكومية مجبر علي الالتحاق بالمجموعات والدروس الخصوصية والاسعار حسب كل منطقة سكنية ..فأصبح التعليم عبء ثقيل يمكن الاستغناء عنه إذا وضع في كفه أمام أساسيات الحياة من مأكل ومشرب وعلاج .
ولاحقاق الحق ، فإن المصريين أكثر المجتمعات تكافلاً .. بشكل غير رسمي أو نظام بقواعد معينه .. فنجد كلٌ حسب سعته يعاون الاكثر أحتياجاً بشكل خاص بعيد عن الجمعيات الخيرية والمؤسسسات المعنية بتلك الامور وفى ذات الوقت يساهم معهم بجزء أخر من المال .. قد يكون سبب من الاسباب عدم الثقة في تلك الجهات ان ما يقدمه من مساعدات تصل كاملة إلى مستحقيها وقد يكون رغبة في ثواب خالص من الله.
ولا نستطيع أن ننكر أن هناك جهود بالفعل للمحاولة للحد من مشكلة التسرب من التعليم ،فالمشكلة أكبر من أن يحلها تكافل اجتماعى رسمي أو فردي وتحتاج إلى حلول جذرية للمشكلة وأول المشكلات أقتناع الاسر بأهمية تعليم الابناء والجدوي منه وخاصة في وسط ازمة اقتصادية ضربت الكل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة