كن أنت التيار

كن أنت التيار:

كن أنت
التيار
فاطمة عمارة
ماذا تعرف عن السالمون؟
نعم، إنه ذلك النوع الفاخر من الأسماك. يبدأ حياته في المياة العذبة بعضها يتجه
إلى المحيط (الهادئ أو الأطلسي) مباشرة بعد فقس البيض والبعض الآخر قد يعيش مدة
تصل إلى ثلاث سنوات في النهر. وتعتبر رحلته إلى المحيط سهلة فهي مع التيار، ويعود السالمون
المكتمل النمو إلى أعلى النهر في موسم وضع البيض في رحلة قتالية عكس تيار المياة
المندفع، يقفز خلال دوّامات الشلالات كثيرة المنحدرات، وأيضاً فوق الشلالات
بارتفاع يصل إلى ثلاثة أمتار ، وهي تقاوم صائدها بعنف كبير في محاولة منها للهرب.
وإذا نظرنا لأنفسنا نجدنا
في الحياة كأسماك السلمون، نسير مع التيار في الصغر وفق قواعد محددة لا نحاول
الخروج عنها إلا فيما ندر. وعندما نشب عن الطوق، يبدأ البعض التمرد على هذا التيار
يصبح كالبحر الهائج رافضاً كل ما يقيده، ليعود ويهدأ مع سنوات النضج، يقف في
المنتصف يتبع التيار أحياناً ويعارضه أحياناً أخرى فقط ليتلائم مع من حوله. إذا
نظرنا حولنا وجدنا أنماط متشابه متكررة تُناسب قوالب يرسمها المجتمع ووسائل الأعلام.
لم يفكر أحد أن يكون هو ذاته ذلك التيار لا يتبع أحد ولا يعارض أحد، له بصمته الخاصة
واتجاه المميز الخاص به.
القاعدة العشرون لمولانا
جلال الدين الرومي  (لا تهتم إلى أين
سيقودك الطريق بل ركز على الخطوة الأولى. فهي أصعب خطوة يجب أن تتحمل مسؤولياتها.
وما أن تتخذ تلك الخطوة دَع كل شيء يجري بشكل طبيعى وسيأتي ما تبقى من تلقاء نفسه.
لا تسر مع التيار بل كن أنت التيار.) قد تكون قرأتها من قبل أو مر جزء منها عليك.
هي قاعدة تكاد تشمل كل نواحي الحياة، عميقة في معانيها وما ترمي إليه.
نرسم الأحلام ونضع الأفكار
على ورق نقف عاجزين لا نعرف كيف ننفذها وأي طريق نسير، ويصبح شاغلنا الأكبر الطريق
وننسي أن أصعب ما في هذا الطريق هو مجرد الخطوة الأولي منه والتي ما إن نتخذها
ستأتي باقي الخطوات بسلالسة، خطوة لا ننتظر منها نتائج سوى قدرتنا على القيام بها.
فيكون التخطيط لها له نفس أهمية التخطيط للطريق ذاته.


لا تخشى الخروج عن تيار من
حولك، فلم يخلقنا الله متماثلين بل مختلفين تمام الاختلاف وإن تشابهنا، فكيف نرضى
السير وراء الجميع دون البحث عن أسباب راحة العقل والروح الخاصة بنا؟ فحرر عقلك وأفتح
لروحك باب تنطلق منه نفسك الحقيقة لتصنع لنفسك تياراً خاصاً بك لا يهم أن يتبعك
فيه أحد أو أن تتبع أحد "كن أنت التيار".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة