"باك تو سكول"

"باك تو سكول":

"باك تو سكول"

فاطمة عمارة

أيام ويبدأ عام دراسي جديد والاستعدادات له على قدم وساق، من شراء للزي المدرسي والكتب الخارجية، التي يُسرع الأهالي لاقتنائها قبل نفادها من الأسواق، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الكراسات والكشاكيل والأدوات المدرسية المختلفة، والتي تكون وفق ورقة توزع على طلاب المدارس الخاصة أو حسب خبرة الأم والسنة الدراسية المقبل عليها الأبناء، ولا ننسى الضيف الأساسي في كل منزل "المدرس الخصوصي" والذي بدأ بالفعل نشاطه قبل بدء الدراسة الفعلي.

أصبح من المعتاد أن يواكب هذه الفترة منشورات ساخرة عن بدء أيام "الشقاء" والمنتظر أن تعانيه كل أم، وتبدأ المعاناة بالنجاح في إيقاظ الأبناء، ثم إعداد وجباتهم المدرسية، وإقناعهم بضرورة تناولها لتنتهي بالمعركة الكبرى بعد العودة من المدرسة، ساحتها في أغلب البيوت هي غرفة الطعام التي تتحول المنضدة فيها إلى مكتب يلتف حوله الصغار يميناً ويساراً لتتمكن هي من السيطرة على الجانبين.



وملاحظة ما يقوم به كل واحد، فتذاكر مرة مع الكبير ومرة الصغير، حتى ينتهي الجميع مما عليه من واجبات.



زادت المنشورات هذا العام عن المعتاد، فالأسعار تضاعفت وأصبحت عبئا على كاهل الجميع مثل المصاريف والمدارس الخاصة التى بلا رقابة عليها، على الرغم من وجود أكثر من تصريح لخضوعها لسيطرة الوزارة، أما اشتراك الأتوبيس المدرسي فقد قفز قفزة كبيرة جداً والحُجة ارتفاع سعر الوقود، ليشكل وحده مصاريف مدرسة أخرى، ولم تنس هذه المنشورات الإشارة إلى تغيرات المناهج التعليمية والمتوقع منها.



كل هذه السلبيات يستقبل بها الطلاب عامهم الجديد، ففي عصر التكنولوجيا لا شيء يخفى عليهم، وليس فقط تلك الكلمات التي تؤثر بهم بل رؤيتهم لما يعانيه الآباء والأمهات من حيرة وشد وجذب قد يصل إلى مُشادات كلامية عنيفة تحت مرأى ونظر الصغار عن كيفية توفير المال اللازم لتغطية كل هذه الاحتياجات، بعضهم يتجاهل كل ما يحدث، فالأمر عنده سيان، أما البعض الآخر فيتحول الغضب داخله إلى سخط ورفض لما يحدث والبحث عن كل السبل ليتحرر ويعيش حياة يستحقها يشاهدها بعينيه على شاشات هاتفه، يحياها أمثاله في دول أخرى.



ارحموا صغارنا، فقد تشبعوا بما يكفي لتتحول أرواحهم إلى كهولة على الرغم من صغر أجسادهم، فقدوا البراءة وحملوا الهم والمعاناة، فبدل الفرحة لعودة الدراسة ولقاء الأصدقاء، أصبح السؤال الدائم على ألسنتهم "متى تنتهى الدراسة لأرتاح؟!".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة