أمة تقرأ

أمة,تقرأ
أمة تقرأ
فاطمة عمارة
أعلن صاحب مكتبة بمدينة ساوثمبتون في إنجلترا عن حاجته للمساعدة في نقل الكتب بسبب ارتفاع الإيجار، ليتفاجأ بحضور 250 شخصاً شكلوا سلسلة بشرية بين المكان القديم والجديد بطول 152 متر، وتناولوا آلاف الكتب من يد إلى يد لتتم العملية في ساعة واحدة فقط، الملاحظ من الصور اختلاف أعمار المتطوعين فهناك الأطفال والشباب وكبار السن.
لم يمر الخبر -الذي قرأته في أواخر العام الماضي-على مشتركي وسائل التواصل الاجتماعي مرور الكرام، فمن نشروه ذيلوه بعبارة "شعوب عرفت قيمة الكتاب"، ولم يسلم من التعليقات فهناك من رأى إنهم شعب مادي فصاحب العقار رفع السعر ولم يهتم بالمكتبة، ومن رأى أن المساعدة لا علاقة بها بحب الكتب والقراءة فهناك من يحب المساعدة للمساعدة فقط، وبالطبع هناك من تحسر على حالنا.
قد تكون كل هذه الآراء صحيحة ولا أحد ينكرها، ولكن لم يقدم واحد منهم حلاً يُغيرنا من حالٍ إلى حال، أو حتى يَعرض أسباب لتردى وضعنا الثقافي، وتحولت عبارات مثل القراءة حياة، وأمة لا تقرأ أمة ماتت مجرد شعارات نرددها ويحفظها طلبة المدارس لتُزين افتتاحيات مواضيع التعبير عن أهمية القراءة ودورها.
القراءة عادة تُغرس من الصغر، وأحد أسباب إهمالها يعود إلى التربية التي ركزت فيها الأسر على نجاح الأبناء في الدراسة والرياضة على حساب القراءة وما تمثله من دور مهم لتشكيل عقولهم وفكرهم، وسبب آخر يرجع إلى التكنولوجيا الحديثة التي جعلت المعلومات تحت رهن أصابعهم فمنحتهم بعض الغرور بأنهم يمكنهم معرفة كل شيء في ثوانٍ قليلة ولا حاجة لهم بتمضية الكثير من الوقت في قراءة تفاصيل كثيرة عن أي موضوع.
لقد أخرجت لنا القراءة أديبنا الكبير عباس محمود العقاد، فهو لم ينل من التعليم سوى الشهادة الابتدائية ولكنه لم يكتف بهذا واتجه إلى الكتب لينهل منها المعرفة وخالط الأجانب بحكم مولده في اسوان وأتقن الإنجليزية فأمكنه هذا من اطلاع على كتب بلغات أجنبية، وأوصله نبوغه وثقافته للعمل بالصحافة وأن يؤسس مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري مدرسة الديوان الشعرية، بل وخاض معارك أدبية وفكرية مع عميد الأدب العربي طه حسين، أمير الشعراء أحمد شوقي وغيرهم من المفكرين والأدباء العظماء.
ليس الهدف الغناء على الأطلال والبكاء على ما فات، ولكنها دعوة للعودة إلى عاداتنا القديمة، إلى تجمع الأحفاد حول الجدات ليسمعوا حكاياتها، إلى كتاب تقرأه الأم لصغارها، إلى كتب تُهدى وأخرى نتبادلها بيننا، فأمة تقرأ أمة ترقى.
الكلمات الدالة:
القراءة – إنجلترا – عباس محمود العقاد - مدرسة الديوان - إبراهيم المازني -عبد الرحمن شكري عميد الأدب العربي - طه حسين - أمير الشعراء - أحمد شوقي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة