أنت شجرة!

أنت شجرة!: أنت,شجرة!

.

أنت شجرة
فاطمة عمارة
كانت الصدفة وراء استقلال الحافلة، ليأتي جلوسي خلف سيدتان تتحدثان،
وكعادتي انفصلت عما حولي اتابع الطريق علني أجد ما يحفز فكرة ما في رأسي، لتلتقط
أذني بلا أي قصد الحوار الدار بين جارتي، " أنت شجرة" لتنطلق ضحكة من
المستمعة " نعم أني جادة أنت دائماً في خدمة الجميع ولا تنتظري مقابل"
لم يحالفني حظي لمعرفة مميزات تلك السيدة التي حصلت على وصف حصري لها، فقد وصلت
لمحطة نزولي.
ظلت الكلمات تدور في عقلي، فالتعبير رغم بساطته يحمل الكثير من المعاني،
فهو العطاء والحب والتجديد والجمال والثبات والسند والاعتماد، صفات أصبحت نادرة
وقليل أن تجتمع في شخص واحد على الرغم من احتياج الجميع أن تختلط بعضها مع أسلوب
حياتهم، وبدأت أفكر من يمكن أن يتصف بهذه الصفات؟
كانت الإجابة الأولى الأم، فهي ذلك الحب والحنان اللا مشروط، داعمة
لأبنائها ومشجعة لهم بل وتضحى في سبيل راحتهم وسعادتهم بالكثير، هي الجديرة بأن تحمل
وصف "أنت شجرة" ونجدها تجمعهم حولها عندما تتفرق بهم سبل الحياة، بالطبع
هناك بعض الاستثناءات النادرة، وهناك من يكون في مقامها خالة أو عمة أو مدرسة تقمن
بما تقوم به الأم من عطاء وحب ونصح.
انتبهت قبل استرسال الأفكار أن السيدتان كانتا متقاربتان في العمر، أي أن
العلاقة الأقرب لوصفهما أنهما صديقتان، ابتسمت لاستنتاجي البديهي الغائب عني من
البداية فمنح الوصف ابعاد وجمال أكثر، ففي نفس الوقت الذي ينعى فيه الجميع الصداقة
ويتحسر على من خُدعوا فيهم ويتبادلوا كلمات اللوم بعض الأحيان والسباب أحيان أخرى
حتى ظننت أن الدنيا خلت من صديق يأتي هذا الموقف لينزل على قلبي برداً وسلاماً
مؤكداً أن الدنيا مازالت بخير، فقط على البحث عن الثمين وتجاهل الغث منها.
ابحث عن "الشجرة" في حياتك، فهناك بالتأكيد هذا الشخص الذي يهتم
جميع من حوله ويراعيهم ويحمل همهم ويسعى لمد يد العون لمن يعرف ولا يعرف، وإذا لم
تجده حولك كن "أنت الشجرة" يأنس الناس بوجودك ويطمئنوا جوارك.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة