الحياة بعد ابى

 الحياة بعد ابى

فاطمة عمارة

الموت
والحياة وجهان لعملة واحدة ، فلا يكاد يمر يوم إلا وقد مات احد او ولد الى
الحياة احد ..ويقوم الحى منا بإيصال الميت الى مستقره الاخير .. يودعه
ويتركه ويعود الى الحياة مرة اخرى .ولكن هل الحياة تبقى كما هى ؟
الحياة بعد ابى تغيرت .. مرت خمسة عشر عاماً ولم تعد حياتنا كما كانت ..
ينقصها احد عناصرها الهامة ، ومهما ضحكنا او استمتعنا بما نحياه إلا أن
هناك شئ مفقود ولا نعرف هويته.

فى صباح احد الايام غزا الشتاء حياتنا قبل موعده الحقيقى .فقد ورد اتصال
بوفاة الوالد.. وكل ما شغل تفكيرى كيف اتصرف كما كان يتصرف هو فى مثل هذه
المواقف.. وجدتنى ألبس بدلته واتقمص دوره وكأنه ترك خلفة رجلين وليس رجل
واحد وهو اخى.

ادعى اننى احسنت التصرف .. ادعى اننى صامدة صامته .. أتلقى العزاء وأواسى
أمى وأشُد من إزرها فقد فقدت رفيق الدرب والروح.أدعى وأدعى إلا ان دُنيتى
فقدت ألوانها. وأشرقت الشمس منذ ذلك اليوم بشكل مختلف ، حتى الضحكات أصبح
لها صوت مختلف.

الحياة بعد ابى .. حياة بلا بهارات مهما أدعينا أن مذاقها رائع .

الحياة بعد ابى .. حياة تنقصنا أن نحياها كما ينبغى.

الحياة بعد ابى ..حياة نحياها من اجل امى وسعادتها وراحتها ، بل اصبحت
الحياة هى امى .. أحيا قربها ملتصقه بها ، لا ارغب فى بعدها .. أحيطها بكل
الرعاية والاهتمام .. اشعر فى بعض الاحيان أن حالنا أنقلب وأصبحت أنا أمٌ
لها .. أخاف عليها من الهوا الطائر حولها .. احاول ان احميها من كل ما
يمسها بسؤ أو حتى يثير فى نفسها بعض الزعل.. أما أحاديثها فتلك حكايةٌ اخرى
،وكأن كل الادباء اصبحوا فى شخص أمى .

تحول معنى السعادة إلى ضحكة أمى وكلمة رضا منها هى كل المبتغى والمُنى
.يبدأ يومى بأمى وينتهى بها وما تطلبه يأتى قبل أى طلب . قولوا أن فعلى هذا
حب او قولوا حتى إنه خوف فقد أصبح لا يعنينى إلا ما تقوله أمى.

الحياة من اجل امى حياة كقطعة الشيكولاته تغلفها الالوان وتزينها الزينة وطعمها رائع وينقصها أبى.