الخصوصية مشاع

الخصوصية مشاع:

الخصوصية مشاع
فاطمة عمارة
كان الطفل عبد
الرحمن وقبلته لزميلته محور مناقشات وفكاهه على مواقع التواصل الاجتماعى من
اسبوعين مضت ،ولمن لا يعرف القصه باختصار فقد انتشر تسجيل صوتى لأم منفعله من
تصرفات زميل ابنتها وتوجه الكلام لوالدة الطفل على مجموعة خاصة بفصل الابناء
ليعقبه رد من شخص ادعى انه والد الطفل وقال جملته التى كانت سبب فى اطلاق الشرارة
" اللى عنده معزة يربطها " وقد تم نفي صحه التسجيل الثانى من اهالى
تلاميذ تلك المدرسة .. الطفلان محور الازمة لم يتخطوا الصف الاول الابتدائى.
بالطبع هناك عدة
نقاط من الممكن التعليق عليها ومناقشتها فى هذا الموضوع ولكن أكثر ما أثار غضبى هو
تحول الخاص إلى العام بمنتهى السهولة . فالتسجيل على الرغم أنه على مجموعة محادثة
إلا إنه يعتبر تسجيلاً خاصة باعضاء هذا المجموعة والمنتمين إلى مدرسة بل فصل معين
فى هذه المدرسة .. فهناك من تخلى عن ضميره ليقوم بارسال هذا المقطع من الحوار
الدائر حول الموضوع خارج المجموعة وادى إلى ما حدث وليس هذا من حقه.
وعند التدقيق فى
الامر نجد أن امثلة هذا الموقف كثيرة .. فمن منا لم يصل إلى هاتفه فيديو خاص بحفلة
خاصة أو فرح أو حتى جلسه فى أحد المنازل ، فى البداية  كان ستار هذه المقاطع انها لمشاهير وهم يرون من
يصور ويعرفون باحتماليه انتشاره ليتحول الامر للجميع بلا استثناء وليس المعنى إنه
من الممكن نشر المقاطع المسجلة خلسة لمشاهير فالخصوصية حق للجميع.
ولكننا اصبحنا
نعيش فى عالم بلا خصوصية والمصيبة الاكبر إننا من وئدنا خصوصيتنا بأيدينا عندما
قمنا بنشر حياتنا على مواقع التوصل الاجتماعى بشكل مبالغ فيه .. فالبعض حياته مشاع
للجميع حتى وإن حدد الخصوصية للاصدقاء فقط 
، فنجدهم منذ أن تتفتح اعينهم لبدء يوم جديد يضعوا لمستهم الصباحيه بصورة  للافطار أو حتى جملة تشير لبدئهم اليوم لتتوالى
بعد ذلك المنشورات الخاصة بتفاصيل كثيرة لا تهم الجميع ولكن يهتم صاحبها بنشرها
لتدعم ثقته بنفسه التى اصبحت مرتبطة بعدد علامات الاعجاب وتعليقات الغير ، حتى
مشاكلهم فى الغرف المغلقة اصبحت لها مكان على صفحتهم فهي حدث من أحداث يوميهم ..وفى
النهاية كل ما حكى من مشاعر وشارك من صور ليومه وما قام به من أنشطة هو على الشبكة
العنكبوتيه. ويحلل علماء الاجتماع أن هدف هذه التصرفات الظهور والتباهى احياناً
وأن البعض وصل إلى درجة كبيرة من اللامبالاه بالخصوصية نتيجة الروتين اليومى أو
الفراغ الذى يسعى لملأه عن طريق النشاط على وسائل التواصل المختلفة.
أصبحت الخصوصية
ضائعة وسطنا عندما لغينا الفواصل بين الخاص والعام وسمحنا لانفسنا أن نكون مشاع
للغير بل وسمحنا لانفسنا باقتحام المساحة الخاصة للاخرين تحت مسميات مختلفة ونحن
نظن اننا فى أمان فى عالم أصبح الجميع فيه مشارك ومشاهد ومعلق .. فلنحرص على
خصوصية حياتنا وننتقى حقاً ما يستحق المناقشه أو المشاركة فعندما يبدأ كل منا
بنفسه فيمكن أن يتوقف نشر الكثير من الاشاعات التى اصبحت تدور وتدور حولنا دون أن
يتأكد من يشاركها من صحتها.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة