كالحمار يحمل اسفاراً

كالحمار يحمل اسفاراً





كالحمار يحمل اسفاراً
طلب
منى حارس العمارة مساعدة ابنته الصغيرة فى قراءة بعض دروس اللغة
الانجليزية .. لاحظت اثناء القراءة ان الصغيرة لا تعرف الحروف الابجدية
للغة ، فطلبت منها ان تأتى بالكتب كلها الموجودة لديها .. وقد كان، وبدأت
من كتب النصف الدراسى الأول الذى تم الانتهاء منه والامتحان فيه وبالطبع
النجاح.

وطبعاً لم يكن الحال افضل من سابقه فهى لا تعرف اى حرف ولا الكلمات عليها
.. حاولت على قدر استطاعتى تعليمها وانتهى امرى بمحاولة ان اجعلها تحفظ فقط
حتى استطيع ان اصل الى دروسها الجديدة فى النصف الدراسى الجديد.

وعلمت من امى ان حال اللغة العربية والحساب وحتى سور القران المقرر حفظها
لم يكن احسن حالاً من الانجليزية ..وعلى الرغم من معرفتى تدنى مستوى
التعليم فى المدارس الحكومية إلا اننى صدمت ان يكون هذا هو مستوى السنة
التأسيسية للاطفال. ابسط ما يمكن ان اصف ما تم تحصيله بصفر.. وحتى اكون
عادلة فى حكمى سألت والدها لاصل للمسئول عن هذا هل المدرس فى المدرسة ام
مشكله لديهم؟ .. وفهمت منه انه لم يبدأ معها دروس خصوصية نظراً ان اخواها
فى الابتدائية والاعدادية بما معناه انهم اولى بتلك الدروس.

تزامن هذا كله مع تغيير وزير التربية والتعليم ووعوده بالنظر الى المناهج
ومقارنتها بالمناهج الغربية.. لا اعرف لماذا تنحصر مشكلة التعليم فى مصر
دوماً فى المنهج فى نظر اصحاب القرار؟ إن المنظومة التعليمية تتكون من
مجموعة من العناصر ومن وجهة نظرى ان اهمها هو المدرس المؤهل جيداً لايصال
المعلومة .. وهذا ما نفتقده ،ولا اقصد بالتأهيل هنا هو التخرج من احد كليات
التربية فقط ولكن هناك تأهيل نفسى واكاديمى واختبارات حتى يكون اهلاً لحمل
امانة اجيال يبث فيهم الاخلاق قبل العلم.

النقطة الثانية التى تؤثر بالسلب ان التعليم فى المدارس الحكومية يبدأ من
الصف الاول الابتدائى مباشرة .. بمعنى اخر يدخل الاطفال من الدار الى النار
مباشرة وعليهم معرفة الحروف والارقام ولغة اجنبية بخلاف مادة الدين ..
صحيح انه تم مراعاة عدم امساكهم للقلم .. وهو ما لا يحدث بالطبع فعليهم
تعلم الكتابة الى جانب القراءة ، ولكن يتم اختبارهم شفوياُ وبالطبع الكل
ناجح. فلِمَ لا يتم اضافة فصول لمرحلة رياض الاطفال حتى وان كانت عام واحد
ليبدأ تهيئة وتعليم هؤلاء الاطفال لمعرفة الحروف واشكالها وطريقة نطقها
السليم من خلال مجموعة من الانشطة والالعاب فهذا سيوفر الكثير من الجهد
خلال اعوام مقبلة.

يقول الإمام الغزالى: (وينبغى أن يؤذن للصبى بعد الفراغ من كُتاب تحفيظ
القرآن أن يلعب لعبا جميلا يستفرغ فيه تعب الكُتاب، بحيث لا يتعب فى اللعب،
فإن منع الصبى من اللعب وإرهاقه بالتعليم دائما يموت القلب ويهبط ذكاؤه
وينغص العيش عليه حتى يطلب الحيلة فى الخلاص منه رأسا). والمقصود ان الطفل
فى هذه السن المبكرة يجب ان يمارس اللعب ويعيش تلك المرحلة التى لا يحمل
فيها هماً وليس كما نفعل الان فنجد التلاميذ يحملون شنط المدرسة على ظهورهم
اكبر حجماً منهم ومع تنقلهم من سنة الى اخرى يتحولوا كما يقول القرآن
الكريم ( كالحمار يحمل اسفاراً).


fatma@ahram.org.eg

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أراء حرة - رسالة من شرم الشيخ

«عمورى» على غلاف ألعاب الفيديو

سيارة الثورة