حياة او موت

حياة او موت






"من حكمدار بوليس العاصمة الى احمد ابراهيم القاطن بدير النحاس لا تشرب
الدواء الذى ارسلت ابنتك فى احضاره الدواء فيه سم قاتل ". تنقلنا تلك
الكلمات البسيطة سريعا الى خمسين سنه مضت وهى وقت احداث الفيلم .. وصحوة
ضمير صيدلى لانقاذ مريض ..وتعاون الناس بالشارع على الرغم من عدم معرفتهم
بالفتاة لايصالها الى بيتها سالمه.. والاهم من هذا الفتاة تسير فى الشارع
وحدها وتنتقل من بيتها بدير النحاس وحتى العتبة بلا خوف او من ان يتعرض لها
احد بسوء.


يعرض الفيلم فى سياقة القاهرة الساحرة ذات المليون ونصف نسمة متنقلا بين
ميادين العتبة والاوبرا والتحرير فتزداد الحسرة فى قلوبنا حيث نظافة
الشوارع وتنسيق الحدائق وعدم وجود الباعة الجائلين..التنسيق الكامل بين كل
وحدات الطوارئ فتظهر عربة الاسعاف مرافقة لقوة الشرطة والمطافئ لانقاذ
المريض وتعاون سائقى السيارات لافساح الطريق لهم.
نستيقظ على واقعنا المرير حيث زاد تعداد القاهرة الى 10 مليون نسمة
..امتلأت الميادين بالبائعين واختفت الحدائق وتكدست الشوارع بالسيارات
.وتاهت وسط زحام المدينة اخلاق اهلها ..غاب الضمير وضاع بين الجشع
والطمع..فلم يعد هناك من يهتم ان يصلح خطأه ..واختفى التعاون بين افراد
المجتمع ..وتوارت الاخلاق الحسنة لتظهر مكانها السيئة ..واصبحنا نخاف على
ابنائنا قبل بناتنا.
كان زيادة الفجوة بين طبقات المجتمع سببا رئيسيا فى هذا التغيير الذى طرأ
على الاخلاق ..حيث زادت الطبقتين العليا والدنيا على حساب الطبقة المتوسطة
التى كانت تمثل رابط بين الاثنين..واصبح الفقر وضيق اليد المُبرر لكل فعل
اجرامى .وشكل فساد الادارة العليا سببا لفساد العاملين الصغار فيه.
ونسى القائمين على صناعة السينما دورها المؤثر والهام فى غرز قيم ومبادئ
فاضله ..فظهرت الافلام التى تعرض اسؤ ما فى المجتمع من نماذج وسلوكيات وعنف
..وتحول الشباب الى تقليد اعمى لما يروا على شاشتها.
وساهمت برامج التوك شو فى نشر العنف اللفظى ..فتحولت الحوارات الى معارك
كلامية وصلت فى بعض الاحيان الى تشابك بالايدى..فظهر رفض الاخر بين افراد
المجتمع.
تنوعت الدراسات وعُقدت الندوات لبحث حالة الاخلاق وكيف تحولت وتغيرت،
ارجعها البعض الى غياب سلطة الدولة والبعض الاخر لاختفاء الامن وهيبته
،وغيرهم الى الاسرة ودورها ..مهما كانت الاسباب فحلها على ارض الواقع من
خلال المدارس والجوامع والكنائس لتغرس فى النشء الاخلاق ..ويعود الاعلام
والفن ليُحى ما تاه داخل النفوس.
فقد تجمعت "فى الفيلم" عدة جهات لإنقاذ شخص واحد..كم من
حياة تموت أمامنا الان ولا نسعى لإنقاذها ولا تحتاج منا أن نوقف إى جهة أو
نجند احد لإنقاذها..تحتاج فقط الاخلاق والضمير.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر