حياتنا على المكشوف

حياتنا على المكشوف


خلق الله الانسان اجتماعى بالفطرة .. يحب ان يكون وسط مجتمع متجانس محب وفى نفس الوقت يسعى الى مشاركة هولاء افراحه واتراحه .
جزء من هذه المشاركة يدفعها الفخر والتباهى بالانجاز والجزء الاخر يدفعه
تأكده لفرح من يشاركهم هذا ..وبالطبع سعيه للدعم والمواسأة عند شدته وحزنه .
وكانت وسيلته فى توصيل تلك الاخبار الشخصية سواء كانت سعيدة ام حزينة
وسائل بسيطة فى بدايتها وتطورت حتى وصلنا الى عصر المعلوماتية ووسائل
الاتصال الاجتماعى المختلفة.
لقد اصبحنا نعيش اللحظات البسيطة فى حياة من نعرف اى ان كانت درجة قربهم
او بعدهم او علاقتهم الحقيقيه بنا .. نكاد نعرف عن بعضنا ماذا نأكل ونشرب
ومن اين نشترى ملابسنا وان الابن الصغير استطاع ان يخطوا خطوته الاولى وان
الابنة قد جرحت اصبعها .. وغيرها من الاخبار التى قد لا نحتاج حقاً ان
نعرفها .
فعلى الرغم من حرص الجميع على ضبط اعدادات الخصوصية لحماية صفحاتهم "
الشخصية " إلا انهم فى غمرة فرحتهم يقوموا بفتح النوافذ والابواب لاغين كل
خصوصية لهم ناسيين او جاهلين ان مجتمع الانترنت هو فى النهاية مجتمع مكشوف
لا خصوصية فيه . بالطبع لا مانع من مشاركة بعض الافكار والصور ولكن الامر
فى بعض الاحيان يصبح نوع من التفاخر المبالغ فيه.
تخرج الدراسات متلاحقة حول الخصوصية فى محاولة للتوعية حول مخاطر عديدة
منها ان نشر صور الاطفال بشكل دائم ويومى يعرضهم لخطر سرقتها واستخدمها فى
مواقع بيدوفيليا وهو المواقع الموجهة للمولعين بالاطفال جنسيا .. ومخاطر من
استخدام البيانات الخاصة فى الايذاء او معرفة الروتين اليومى لحياة شخص
مما يسهل تتبعه ومن الممكن ان يؤدى الى احد الجرائم الخطيرة.
اثبتت تلك الدراسات ان تعريف الخصوصية يختلف من المستخدمين البالغين
والمراهقين  وان هولاء المراهقين لا يهتموا باخفاء بيانات خاصة بالسن
والدين والمدرسة واماكن تواجدهم على الرغم من معرفتهم بكيفية القيام بهذا ،
ولكنهم  بدهاء يقموا باخفاء بعض الامور الهامة من وجهة نظرهم من اصحاب
السلطة عليهم ( الوالدين)  حتى لا يمكنهم ان يعرفوا كيف امضوا الوقت مع
اصدقائهم .. الحقيقة فهم اكثر وعياً من البالغين لمعرفة اعدادات الخصوصية
لكثرة استخدامهم تلك الادوات .هذه الدراسة وان كانت صادمة فهى توجه الاباء
الى حقيقة هامة وهى ان الرقابة على الابناء اصبحت ذات طابع خاص  .
والنقطة الثانية التى تغيب عن ذهن الكثير عند المشاركة هو الاثر السلبى
لهذا على الغير .. فهناك من لا يستطيع توفير هذا المستوى من الحياة وسط
مئات الاصدقاء المتواجدين على صفحاتنا مما يسبب لهم آلام نفسية ويخلق نوع
من الغيرة داخلهم.
وضع حياتنا على صفحات التواصل الاجتماعى تحولها الى " حياة على المكشوف"
لا خاص فيها ولا سر .. ونسينا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " استعينوا
على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذى نعمة محسود " فاذا كنت من الاشخاص
الحريصيين على خصوصيتهم فلا داعى ان تشارك حياتك .. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر