أنا مش قصير أوزعة

أنا مش قصير أوزعة







أنا مش قصير أوزعة
فاطمة عمارة
تعتبر جملة الفنان الكوميدى الكبير عبد المنعم مدبولى (أنا مش قصير أوزعة
أنا طويل وأهبل ) فى فيلم مطاردة  غرامية
من أشهر " الإفيهات " المتداولة بين الناس .. على الرغم من بعدها النفسى
العميق فقد كان هدفها تعزيز الثقة فى نفس مريضه وإن كانت الجملة مناقضة تماماً
للواقع.
ويأتى السؤال الذى يفرض نفسه دوماً هل الثقة بالنفس مكتسبة ام فطرية ؟ يجيب
علماء النفس وعلماء الاجتماع ان الثقة بالنفس من الامور التى تُكتسب وتتطور فهى لم
تولد مع إنسان حين ولد . وتكون البداية من نعومة الاظافر عند التربية حين يبدأ
الطفل الصغير يتحرك ويكتشف عالمه الصغير من حوله إما أن يُقابل تصرفه بالتشجيع أو
يجد النهر والخوف الشديد.
والثقة لا تعنى الغرور والغطرسة، وإنما هى إيمان الإنسان بقدراته وإمكاناته
وأهدافه وقراراته، أى الإيمان بذاته. وتتراوح درجات الثقة صعوداً وهبوطاً حسب
الموقف والزمان والموضوع نفسه ، وهى تتيح لصاحبها ان يتنازل عن رأيه عند معرفته
بخطأه ،ويستمد الإنسان ثقته الشخصية من ثقته فى الله تعالى.
يقابل الابناء مع اختلاطهم فى المدرسة الكثير من المواقف التى تُعرض ثقتهم
للخطر فقد يتلقوا كلام لاذع على هيئتهم وشكل اجسامهم وما غير ذلك ويبدأ الطفل فى
الانطواء أو البكاء للتنفيس عن غضبهم فهم لا يفهموا ان اختلافهم عن زملائهم فى
الشكل ميزة ميزهم بها الله ..ويأتى دور الآباء لدعم وتعزيز الثقة وشرح ما يغيب عن
ذهن الصغار إلا انه فى بعض المواقف يقف الآباء مكتوفى الايدى لانهم ببساطة يروا ان
المشكلة حقيقيه ولا يعرفوا كيفية مواجتها او التعامل معها .
وهناك خطأ آخر يقع فيه الاهل وهو ربط تفوق ابنائهم بدرجاتهم فى الامتحان
التحريرى ويغيب عنهم ان لكل طفل قدراته الخاصة فالإمتحان التحريرى يقيس قدرة واحدة
من هذه القدرات فهناك القدرة على التعبير عما فهمة بشكل عملى وتطبيقى وهناك من
يجيد التحدث واعادة شرح ما درسه كله إلا ان ما نقيس به الطالب فقط هو قدرة واحدة
منها ثم نكيل له الاتهامات ببلادته وكسله فى المذاكرة ونقارن بينه وبين غيره وكل
هذا يسحب من مقياس ثقته بالنفس ويضعفه. 
وقصة (سيدنا  عمر بن الخطاب رضى
الله عنه مع عبد الله بن الزبير عندما مر فى طريق من طرق المدينة وكان عبد الله
يلعب مع بعض الأطفال ، فهرب الأطفال هيبةً من سيدنا عمر، ووقف ابن الزبير ساكتًا
لم يهرب، فلما وصل إليه سيدنا عمر قال له
: لِمَ لمْ تهرب مع الصبيان؟فقال على الفور: لست جانيًا
فأفر منك، وليس فى الطريق ضيق فأوسع لك
.)
تؤكد على دور الأسره فى غرس الثقة فى نفوس الأبناء وتعليمهم .فيجب على الآباء
الثقة اولا فى ابنائهم ثم منحهم استقلالية مناسبة حسب عمرهم ليتعلموا الاعتماد على
النفس ، وخلق مساحة ولغة للحوار بينهم ، وأن يحاولوا قدر المستطاع ان تكون
المعاملة ثابته ،ويقبلوا ابنائهم كما هم ويحافظوا على تشجيعهم المستمر.
علينا ان نضع فى اذهاننا ان فاقد الشئ لا يعطيه ،فلنعزز ثقتنا بأنفسنا حتى
يمكنا منحها لمن حولنا .. وحتى وإن تطلب الامر ان نردد جملة د. خشبة  (أنا مش قصير أوزعة أنا طويل وأهبل ).
 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر