الطريق إلى العبد الربانى (2)

الطريق إلى العبد الربانى (2):








الطريق إلى العبد الربانى ( 2)
فاطمة عمارة
لقد عرفنا ان
العبد الربانى هو هذا الانسان الذى عرف العبودية الحقة لله .عبدوا الله حقاً ولم
يخالط حبه شئ فتخلقوا بصفاته جل وعلّى قدر ما استطاعوا فساروا بين الناس يدعون
إليه سبحانه عن طريق تصرفاتهم واخلاقهم تارة وتارة اخرى بدعوتهم لاصلاح قلوب من
حولهم.هل يمكنا ان نكون عباد ربانين ؟ وكيف الطريق إلى هذه المرتبه؟ 
يرى بعض علماء
الدين ان "كونوا ربانين " خاصة بالعلماء الراسخون المجددون عبر العصور
اقبلوا على العلم الشرعى وعلوم الكتاب والسنه تعلموه وعلموه.ولا تطلق هذه الصفة
على المبتدئ فى العلم والذى بدء مجالس العلماء وحتى إن كانت تظهر عليه التقوى
والورع وغيرها من صفات مرتبطه بهذه الدرجة من العبادة.
ورأى غيرهم ان
خصائص العبد الربانى يمكن ان يتصف بها أى انسان وفق التقسيم القرآنى الذى قسم
البشر إلى صنفين لا ثالث لهما فهم إما إنسان عرف الله، فاتبع منهجه، وأحسن إلى
خلقه، واتصل به، فسعد فى الدنيا والآخرة، وإنسان غفل عن ربه، وبعد عن منهجه، وأساء
إلى خلقه، فشقى فى الدنيا والآخرة.فمن السهل ان نصبح عباد ربانين بمجرد ان نعرف
الطريق إليهم ونلتزم به.
واول الطريق هو
التوحيد وهو اساس الحياة الربانية ومقومها الرئيسى .. فالربانى موحد بالله مجتنب
الشرك به ، وهو ما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم فى قوله " إِنَّ
أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ أَمَا إِنِّي
لَسْتُ أَقُولُ يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلا قَمَرًا وَلا وَثَنًا وَلَكِنْ أَعْمَالا
لِغَيْرِ اللَّهِ وَشَهْوَةً خَفِيَّةً ".ويلى التوحيد اتباع اوامره عز وجل
وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم دون ابتداع.
إن العبد الربانى
ضبط حياته باحكام الشرع الالهى الذى تعلمه من الكتاب والسنة وجعل جوهر حياته حُسن
صلته بالله بكثر ذكره وشكره على نعمه والرضا بقضائه.عبادته لله مستمرة وليست عبادة
مواسم كمن يحصر العبادة فى رمضان او العمرة او الحج ولكنه مستمر طوال العام
بالعبادة عن طريق الذكر والدعاء.
وعكس اعتقاد البعض
فإن حياة العبد الربانى سهلة ميسرة فهو غير مكلف إلا بما فى وسعه، ولا مطالب إلا
بما يستطيع لقوله تعالى ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ
الْعُسْرَ﴾ .حياة اساسها التوازن والاعتدال فقد نهانا الله عن الغلو فى الدين كما
فعل اهل الكتاب السابقين وحث الرسول صلى الله عليه وسلم اصحابه عليه عندما وجد
بعضهم قد تشدد وتطرف فى العبادة فجمعهم قائلا : "أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي
لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي
وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
" ولا تجد فى حياته تناقض فلا يعبد الله بعض الوقت وينتهك حرماته فى اوقات
اخرى.
ويتقرب العبد
الربانى من الله بكل العبادات بالصلاة والصيام والذكر والدعاء والزكاة والصدقة
والحج والعمرة وجاهد نفسه فى كل موضع .تعلق قلبه بالله فزهد فى امور الدنيا وزهد
الجرى خلف ما هو زائل وليس معنى هذا انه يهمل نفسه او اسرته ولكنه حقق التوازن
لحياة تكون نموذج لمن يراه مقتضياً بالرسول وصحابته.
إن الطريق واضح
سهل قد يستصعبه البعض فهو يلزمه جاهد مع النفس ونقاء السريرة وعزم ونيه كبيرة
للاتجاة بكل الجوارح إلى الله تعالى .


 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر