'بنت زى القمر'

'بنت زى القمر':







"
بنت زى القمر "
فاطمة عمارة
الحياة يومٌ حلو
ويومٌ مر .. وعندما تدور الايام ننسى حلوها ويبقى مرارها فى الافواة .. كل هذا
لشده مرت بنا او ضائقة مادية اصابتنا نغرق فى همنا وننسى أن هناك من كان يومه
علقماً ولا يعرف من الشهد سوى الاسم .
فقدت والدها فى
الرابعة من عمرها ليأتى العام التالى معلناً وجود ورم بالمخ بعصب العين وكطفلة
صغيرة تخاف من الحقن والادوية بشكل عام ترفض العلاج ولا تتقبله .. وما إن مر عامان
بسلام وتنفست الام الصعداء بنجاة صغيرتها يفاجئهم بالعودة مرة أخرى كأنه يأبى أن
يفارقها .. وانقلب الحال ،فقد شبت الصغيرة عن الطوق وأعلنت اصرارها على العلاج
منحت الامل لكل من حولها ونجحت فى الاختبار واجتازت المعركة بسلام لتكون واحدة من
ابطال مستشفى 57357 وخرجت من معركتها مصابة بالعمى.
 لفتت انتباهى نبرات صوتها التى تشع تفاؤل وأمل
وضحكتها النابعة من القلب محبة لموطن رأسها الاقصر وعاشقة لمصر تدور كل احلامها
حول نجاح فى التعليم وسفر فى الخارج لهدف واحد وهو العودة وتطبيق ما رأت وتعلمت فى
مصر .. انها أنها سلوان نصر الدين .
حلمت أن تكون
مذيعة راديو ، وبشخصية قوية فرضت نفسها على البرنامج الاذاعى الذى استضافها
تحقيقاً لهذا الحلم تحدثت بثقة بالنفس وذكاء ولباقة لم يساورنى الشك للحظة انها
شابة فى أوائل العشرين من عمرها لتأتى المفاجأة على لسان أحد المذيعين وهو يؤكد
عليها انها فى عمر الرابعة عشر .. وصفها فى جملة موجزة "بنت زى القمر"
وهى بالفعل جميلة الروح يحبها من يسمعها تملك لثغة فى حرف الراء تداريها بمهارة
مذيعة متمرسة .. وعندما عرضت مشاكلها بانت اخلاقها المحترمة الرفيعة فهى لم تخطئ
فى شخص بعينه ولم تذكر اسماء سوى من ساعدوها فى محنتها .
تحلم بمدرسة
مناسبة "لذوى القدرات الخاصة" فهى ترفض اسم ذو الاحتياجات وترى أن لهم
قدرات لم يستطع أحد كشفها حتى الان .. ومراكز رياضية تقبلهم فهم لهم الحق فى
الحياة وممارسة الانشطة وليس التجاهل والاهمال .. تدين بالفضل لمعلمتها التى راعت
ضميرها وهى تعيد لها ما فاتها من دروس حال غيابها للعلاج او الاستشفاء .. تعتقد أن
الامتحانات التى تُضع لهم لا تناسب مشاكلهم الصحية وأن امتحانات التى تُقدم
لزملائها الاصحاء تكون اسئلتها اسهل .
ارسلت رسالة فى
نهاية البرنامج طلبت فيها من كل مصرى عند الاستيقاظ أن يعتزم العمل بحق .. أحلامها
كلها لغيرها تتمنى النظر بعين الاهتمام لمحافظات الصعيد فى مجال التعليم والرياضة
وتحلم بمستقبل مشرق لمصر.
سلوان كأسمها
أنستنا الهم والحزن ومنحتنا جرعة من التفاؤل والامل .. أخجلت البعض ممن يمقت
الحياة وما يصيبه من نوائب .. وجعلتنى اتمنى أن تكون هى سلوان الحياة.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر