أعرف الشفرة .. تسعد

أعرف الشفرة .. تسعد:

أعرف الشفرة .. تسعد
فاطمة عمارة
استقبلتنى
بابتسامة ظهرت فى عينيها قبل ان تشق تجاعيد وجهها التى تعلن بهدؤ عن سنوات عمرها
التى تجاوزت السبعين مرحبة ببشاشة اصبحت معتادة بحكم الزيارات الشهرية لها ..
وكعادتها كل شهر اصطحبتنى إلى " مملكتها " كما تحب أن تسميها جلسه اعددتها
فى شرفة مطبخها تلقى عليها الشمس اشعتها ويداعب الهواء الريحان الموجود فى زوايها
فتبعث روائحه صفاء جميل فى النفس .
جلست على كرسيها
المعتاد وناولتنى فنجان القهوة التركى المعد بيدها بكل تفاصيله وربتت على كتفتى ،حدثت
نفسى أن اليوم مزدحم ولولا ضرورة قدومى ما كنت اتيت وعزمت على غلق اى باب لموضوعات
كبيرة كما تحب أن تفعل كل مرة .. " لست متفغرة اليوم " قرأتنى وظهرت
أمارات الذهول على وجهى جلية .. " لم التعجب ابنتى .. لكل منا شفرة وأنا بعد
هذا العمر اصبحت اجيد قرائتها وبسرعة " جذبنى الحديث فهذه العجوز البسيطة
تحمل فى داخلها خبرة سنين وحثثتها على الكلام " وكيف هذا ؟ " لتفاجئنى
ببساطة الرد " اجدت قرأة شفرتى الخاصة ".
لم تتركنى لحيرتى
ابتسمت مع رشفة من القهوة وأكملت " الموضوع بسيط للغاية .. تعاملات الناس
تحمل طرفين لو فهم كل طرف ماذا يريد حقاً وماذا يرضية وما يغضبه وتعلم أن فى يده
بطاقتين هو حر تمام الحرية فى استخدامهما احدهما تحمل ( نعم ) والاخرى ( لا ) وأنه
كما يرغب فى ان يحترمه الطرف المقابل ويحترم ارائه ومعتقداته ويلتمس له العذر بل
ويسامح ويعفو عليه أن يتفهم انه ايضاً يرغب فى المثل  لأرتاح الجميع واراحوا".  
ونظرت فى وجهى
لتعرف هل تشرح ما اوجزت أم تكتفى .. ابتسمت مع حركة يديها الرتيبة بالنفجان من
الطبق إلى فمها ترتشف قهوتها بتلذذ بالغ يزيد من فضولى للمعرفة فآثرت الصمت لتكمل
" كل إنسان خطاء هكذا علمنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فلِمَ نجد
لانفسنا آلاف الاعذار على اخطائنا بل نلوم من حولنا على عدم التفهم لاسبابنا بل
نزيد العتاب للمخاصمة لعدم غفرانهم لذلتنا ..هل فعلنا المثل معهم أم رأينا اخطائهم
كبيرة لا تغتفر ؟ إن ما نراه ممن حولنا هو مجرد قشور فهذا السلوك ما هو إلا انعكاس
لقيم ومبادئ ومعتقدات مدفونه داخل كل منا كالجبل تماماً مهما علّى ارتفاعه فإن
الموجود تحت السطح اضعاف اضعافه "


"الخلاصة
ابنتى حتى لا اعطلك عن اشغالك تحدثى دوماً عن مصالح مشتركة بينكم وليس مصلحتك
الشخصية وتذكرى ان بالكلمة الطيبة والوجه البشوش تكسبى القلوب ومهما كان الانسان
سئ فبالتأكيد به خصلة تستحق الاعجاب والثناء ابحثى عنها وامدحيها وافعلى هذا بصدق
حتى لا يتحول كلامك وافعالك إلى نفاق " وكما بدأت حديثها بتربيته أنهته به وابتسامتها
التى اكاد أن أجزم الان انها اصبحت ملتصقة بوجهها لا تتغير " لحديثنا بقية فى
يوم تكون فيه متفرغة".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر