الظالم والمظلوم

الظالم والمظلوم:

الظالم والمظلوم

فاطمة عمارة
تقع حياتنا بين
كفتي ميزان .. ظالم ومظلوم .. ونضع دائماً أنفسنا في كفة المظلوم و نحكم على
تصرفات من حولنا بالظلم لأننا نقيمها بميزاننا الخاص ووجهة نظرنا التى تعتمد على أمور
كثيرة منها البيئة والنشئة ومبادئ خاصة تكونت من خبرات حياتية خاصة بنا .. وفى وسط
أحكامنا على الآخرين نسينا أن ننصب ميزان العدل لأنفسنا وهل وقتها نكون فى كفة
الظالم أم المظلوم ؟
ويُعرف علماء
اللغة الظلم أن تضع شيئاً في غير مكانهِ الصحيح فتظلم فيهِ شخص أو شئ معيّن
 . ويقسم
العلماء الظلم إلى ثلاث أنواع ظلم الإنسان لنفسه بأن لا ينصحها، وظلم الإنسان
لأمته بأن لا يخدمها، وظلم الإنسان للحقيقة الكبرى بأن لا يعترف بربه " إن
الشرك لظلمٌ عظيم" .ويقول د. عائض القرنى فى كتابه شخصيات من القرآن الكريم (
 ظُلمك لنفسك وهو أن تحرمها طريق السعادة .
فأظلم الناس من ظلم نفسه
  ).
والبعض يظلم نفسه
دون أن يُدرك أو يُكابر فلا يُقر بظلمه هذا .. فالجرى وراء الشهوات كتعاطى الخمور
والمخدرات أو بأبسط انواع الادمان كشرب السجائر هو احد اوجه ظلم النفس، انتشار
المفاسد والسرقة ومنع الزكاة والانقطاع عن الصلاة وقطع الرحم ، عقوق الوالدين ، إهمال
تربية الابناء كلها أفعال تندرج تحت مظلة ظلم النفس ، بل وتضيع الوقت فيما لا ينفع
وإجهادها فيما لا يعود عليها بالرضا والطمأنينة والتسويف فى الأعمال وطول الأمل
والتمادى في ما قد نندم عليه كلها ظلم لأنفسنا .

والبعض
يجد فى الاستسلام لواقعه راحة في حين أنه أقصي درجات ظلم النفس فقد بلغ يأسه مداه
فأصبح يرى إنه عاجز عن تحقيق أحلامه وتغيير حاله فكبت ما منحة الله من قدرات بل
وقد يصل الامر فى بعض الأحيان إلى معاقبة النفس على المحاولة التى أدت إلى الفشل
فنسجن أرواحنا فى سجن المستحيل وتبكى قلوبنا على حقوق نراها مسلوبة وفى الواقع نحن
من ظلمنا أنفسنا وحرمنها الفرح والراحة وكبلناها بقيد  وهمى واستسلمنا للفشل. ويقول الكاتب الكبير عبد
الوهاب مطاوع (نظلم أنفسنا كثيراً حين نتوهم أننا فقدنا للأبد كل فرصتنا للسعادة
المأمولة لأنه قد فاتنا تحقيق بعض رغباتنا في إحدى فترات العمر، فالحق أن فرصة
السعادة تظل قائمة في الأفق لكنها مؤجلة إلى الوقت المعلوم في لوح القدر، كما أن
ما فاتنا منها لا نعلم علم اليقين هل كان السعادة التي كنا نتطلع إليها حقاً أم
كان باباً مؤكداً للتعاسة والشقاء أوصدته الأقدار الرحيمة دوننا).

وأول خطوات علاج
هذا الظلم هو الاعتراف به والرجوع عنه فإذا كان تقصير مع الله فى أداء عبادة نتوب
عنه ونؤديه من فورنا ..أما إذا كانت عادات اكتسبنها مع الوقت فنبدأ في الإقلاع
عنها ونتحلي بالأمل ونثق إننا سننجح فى المرة القادمة .. وأكثر أسلحتنا قوة هى
الدعاء.  
" رَبَّنَا
ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ
 "



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي