قبل أن نسقط فى الفخ

قبل أن نسقط فى الفخ:



قبل أن نسقط في الفخ
فاطمة عمارة
لسنا السكان الأصليين للأرض، عبارة ترددت مؤخراً، فموطنا الأصلي هو الجنة،
إلا أن الشيطان خدع سيدنا آدم وزوجته السيدة حواء بأن الشجرة المنهي عنها هي شجرة
الخلد والملك الذي لا يفنى، فغلبت شهوتهما طاعة الرحمن فعصياه فخرجا من الجنة.
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ
وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ
الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)

خلق الله الإنسان وداخله حب للماديات من حوله، فهذا يحب المال وآخر الأبناء
وثالث النساء وغيرهم الطعام وغيرها من الأمور التي يجري ورأها الإنسان منغمساً في
ذاته ناسياً الحدود التي وضعها الله، ويتسأل هؤلاء لم الإعتراض على حب ما خلق الله
لنا أليس هذا كله مخلوق لمتعتنا وسعادتنا في الدنيا؟ وإذا كانت شهواتنا غُرست فينا
فلِمَ نُحاسب عليها؟

لقد خلق الله كل هذا لخدمة الإنسان ومتعته وسعادته ولكن دون أن تميل النفس
بشده إلى أي منهم، فلكل منها الجانب الحلال المباح منها، ويوضح ابن قيم الجوزية في
كتابه عدة الصابرين
 وذخيرة الشاكرين أن الشهوة ثلاث أصناف، فالله
خلق للملائكة عقول بلا شهوة، والبهائم شهوات بلا عقول، وجعل للإنسان عقلاً وشهوة،
فمن غلب عقله شهوته ارتقى لمرتبه الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله نزل إلى مرتبه
البهائم.

فلو تحدثنا عن شهوة الجنس وهي تُعد أعنف الغرائز، فقد شرع الله الزواج لها
ومن يبتعد عنه ويتجه إلى الزنا فقد حولها إلى شهوة نفس واختار الحرام فيها ، وكذلك
بالنسبة للمال ، فهناك المكسب الحلال بالتجارة أو الصناعة أو الزراعة وغيرها من
الأعمال المشروعة، وهناك من يترك كل هذا ويطمع في المزيد فيغش ويسرق وينصب على
غيره، فالحلال بين والحرام بين ولنا الاختيار.

ولا يوجد من لم يختبر الشهوات وتهفو نفسه إليها، إلا أن هناك من نجح في
محاربة النفس وتركها ابتغاء مرضاة الله ومن غلبته نفسه ونزع إلى شهوته وسقط في
الفخ، فلهث خلف هوى النفس، واختلط عنده الحلال بالحرام فلم يعد يعنيه ما سيحدث عند
الحساب، ولم يفهم كما أن الشهوات هي طريق سهل للنار فهي أيضاً وسيلة للرقى في الطريق
إلى الجنة، فقد خلق الله الإنسان مُخير يعقل ما حوله من خير وشر، صواب وخطأ حتى لو
دله الشيطان على شجرة الخلد فهو يعلم في قرارة نفسه كذبه وتدليسه وأن الخلود الوحيد
يأتى بعد الممات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر