العيد فرحة ( 5 )

العيد فرحة ( 5 ):







العيد فرحة (5)
فاطمة عمارة
أنقضى شهر البركات
كلمح البصر .. تغير فيه حال البعض وبقى حال آخرين كما هو ، رأى من ناله الحظ
علامات القبول ورضت نفسه وانشرح صدره ، وفات من أكتفى من الصيام بالجوع والعطش ولم
يهتم بتغير حالة مع الله من حال إلى حال.
إن تغير الاحوال
احدى علامات قبول الصيام والقيام وغيرها من الاعمال التى يحرص الجميع على أدائها
.. ثم تأتى الفرحة الصغرى كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "لِلصَّائِمِ
فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ
بِصَوْمِهِ " وهى فرحة بأتمام الشهر والبشارة بالقبول بعد أن أخلص نيته لله
تعالى فى كل عمل قام به. وإظهار الفطر ومظاهر الفرحة من الشعائر التعبدية لله  فقد قال تعالى : " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ.|
وتلك الفرحة لا
تعنى أن نخرج عن التزامنا الذى استمر ثلاثون يوماً فنهمل الصلاة ونهجر القرآن ولا
نهتم بصلة الرحم .. بل مظاهر الفرحة فى استمرارنا يبدئها البعض بليلة العيد بالتهانى
للاهل والاقارب والمعارف ولا ينسى المحبوب الاول فيقف بين يديه فى جوف الليل
يناجية ويشكره على فضله ونعمه ويرجوه ان يتقبل ما كان منه من توبة وعمل وان يعينه
ويمنحه القوة على مجاهدة النفس فى الآتى من الايام حتى لا تفتُر العزيمة بعد
رمضان.
يخطئ البعض أن يظن
أن عليه أن  يلزم نفسه  باستمراره بعد رمضان بنفس القوة والحماس
لعبادات تلذذ حلاوتها فى رمضان فيأتى بعد مدة قصيرة ويشعر باستثقالها ورويداً
رويداً يهملها جميعاً ولا يبقى له من رمضان سوى الصلاة فيضيع مجهوده فى التغيير
الذى ينشده .. ولكن الصواب كما وجهنا الرسول صلى الله عليه وسلم " قَالَ
سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ
وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ"
فالاندفاع دون خطة للتدرج يؤدى إلى نكسات .
ولا تعارض بين هذا
وبين الجد والمثابرة والاستمرارية والمقصود الاعتدال فلا نكلف انفسنا إلا وسعها
وقليل دائم خيرٌ من كثير منقطع .. ففى رمضان يُعاد تنظيم امور الحياة جميعاً فلا
تتعارض فنجد فسحة فى الوقت لتقسيمة بين الصلاة والقيام وقرأة القرآن وغيرها إما
بعد رمضان فيقصر الوقت المتاح للعبادة وكل ما نحتاجة هو اعادة تقسيم المتاح من
الوقت مع استمرار العبادة .. فقرأة ما تيسر من القرآن وإن كان قليل أفضل من هجره
حتى رمضان القادم .. وقد منحنا عصرنا هذا عادة وإن كانت سيئة إلا انه يمكن تحويلها
إلى عادة حسنة ألا وهى طول السهر بالليل وهو ما يمنحا الفرصة للوصال مع الله بما
يفتح علينا من ركعات القيام فى الثلث الاخير من الليل . وهكذا إذا اهتممنا بتنظيم
وقتنا نجحنا فى الاستمرار .
الوصفة السحرية
لتقسيم يومنا فى الحديث  :" إِنَّ
الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا
وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ
مِنَ الدُّلْجَةِ" فقد يسر علينا معرفة افضل تقسيم وهو أوّل النهار وآخره
وشيئاً من الليل وخصوصاً آخره .. فهنيناً لعبد أرتقى وتدرج فى رمضان من عبوديه ربانية
حتى وصل إلى الحب الالهى وجاهد نفسه واستمر فى قربه من الله.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر