لسة متبتين فيها


لسة متبتين فيها
فاطمة عمارة
انسابت الموسيقى بنغمات من البيانو معلنه بوضوح أن صاحبها هو الموسيقار عمر خيرت لتنتبه جميع حواسي بعد ذلك وتتصاعد مشاعرى مع تصاعد الموسيقى ودون شعور أردد كلمات البداية مع كورال الاطفال والفنانة ريهام عبد الحكيم لأقف مع نهاية أول جزء وأفكر في كلماتها.
نعم " فيها حاجة حلوة " وبالتأكيد "فيها حاجة بتخليك تتبت فيها " بخلاف كل ما ذكرته كلمات أيمن بهجت قمر عن مصر .. لو رغبت فى تلخيصها فسيكون " فيها حياة " .قد يستغرب البعض كلماتي ولكنها الحقيقة مصر بشوارعها وناسها واهلها .. بزحمة الشوارع التى تخنقنا .. بكل ما فيها من سلبيات تضايقنا هى حياة .
تذكرت كلمات احد أصدقائى المغتربين فى الخارج وهو يحكي عن غربته وشعوره بالوحده رغم وجود زوجته وأبنائه وجالية مصرية من الاصدقاء ولكن تجده يقول " بس فى حاجة ناقصة" .. فكرت فى الاسباب التى دفعت الابناء للبحث عن عمل فى الخارج بالطرق الشرعية أو حتى بالقفز فى مركب من مراكب الموت للهرب بالطريقة غير الشرعيه ببساطة " شظف العيش".
الكل يسعى وراء " لقمة العيش" يدعو الله أن يجدها بالحلال .. ولكن تسد فى وجهه السبل وتضيق عليه الحياة وهو لا يهدف سوى أن تكون " حياة كريمة " يشعر بقيمته وقيمة ما يقدم من جهد وما يملك من امكانيات سواء كانت هذه الامكانيات " على قد حالها " أو كانت درجات عاليه من العلم والتفوق .. يصطدم بكثير من العقبات والموانع هناك من يصمد وهناك من يسعى لايجاد حلول .. قد يكون الحل بعمل اضافى وقد يكون بالسفر .
وماذا يجد فى غربته غير مال لم يستطع الحصول عليه هنا ؟ الصراحة يجد اولاً نظام .. والغريب بعد أن وسم عمره كله بإنه انسان لا يعرف النظام " شعب مهرجل " كما يقال عنا يتبع النظام اتباعاً جيداً ويصبح كتروس ساعة سويسرية الصنع .. ويجد إحترام الانسان فيتوفر له العلاج ويتمكن من تعليم ابنائه بمستوى جيد من التعليم .. ويصبح اليوم بقدرة من الله طويل يمنحنا الوقت للعمل والراحة والنزهه ..ويدفع ضريبة هذا كله بغربة يبعد فيها عن الاهل وكما يقول المثل " الغربة مرة ".
ورغم كل هذا مازال " متبت فيها " بمجرد أن تفتح له كوة صغيرة يبدأ الامل فى العودة من جديد .. نعيش فيها وننتقد سلبيتها ونسعي لفرصه نخرج بها من الساقية التى تدور بنا داخلها ولكن مع بحثنا فيما يراه البعض " هروب "و" قفز من المركب" على استعداد للبقاء والعمل بمجرد أن نشعر بإنها " متبته فينا " زى ما احنا "لسة متبيتين فيها "

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر