لإيلاف قريش

لإيلاف قريش:

لإيلاف قريش
فاطمة عمارة

تعرفت مع بداية العام الحالى على مرض لم أنتبه له من قبل ألا وهو
" ألفة النعمة " وذلك من خلال منشور على وسائل التواصل الاجتماعى المتنوعة
بأساليب مختلفة فى العرض وكلها تشرح المرض .. خجلت من نفسي لأن كل هذه الشروحات
أشارت إلى أن الله عز وجل ذكرها فى القرآن بقوله تعالى " لإيلاف قريش"
وكيف اعتادوا استقامة مصالحهم ورحلتيهم بالشتاء والصيف دون النظر لواهب هذه النعم
ومديمها، كحال البعض ممن يرى روتين حياته وعدم التغير فيها من الأمور العادية والمسلمات
وينسي أن استمرار الحال أحدى نعم الخالق الذى قال " كل يوم هو في شأن ".
ظلت الفكرة فى رأسي ينشطها مصادفتى للموضوع مراراً وتكراراً ..
أقيس عليها أموري ومن حولي وهل نحن بالفعل ممن ألف النعم وجحد فنسي شكرها ؟ تعدى
تفكيرى النعم فوجدتنا ألفنا الألم ومناظر الدماء وأوجاع غيرنا .. فأصبح من العادي
أن ترى صور قتلى فى حوادث الطرق أو تفجيرات أرهابية متداولة فى وسائل الاعلام
والشبكة العنكبوتيه مرفقة بعبارات تعاطف أو كلمات للبحث عن اصحاب الصور .. ظاهرها
الرحمة وباطنها جمود قلوب لم يعد يؤثر بها دماء أريقت وأسر فجعت وأطفال تيتمت،
متجاهلين أن هذه الصور ستألم اصحاب الشأن وستظل عالقة فى الأذهان.
وآتى رمضان وما يلازمه من اعلانات خيرية لجمع التبرعات المختلفة
والتى تتنافس هى ذاتها مع الاعلانات التجارية من حيث الإبهار الفنى .. وتحول
تعاطفنا مع المرضى وذويهم ووجع كان يصيب القلب من رؤيتهم وتخيل أن يضعنا الله فى
أختبار مماثل لهم ،إلى عقد مقارنات بين أغنية هذا الاعلان وذاك وأيهما أفضل وفستان
المطربة الفلانية التى شاركت بالاعلان بل وصل الامر إلى تمنى أن يكون ممن فى
الاعلان فقط ليقف جوار الممثل الفلانى المشارك فى أعلان ما.
والنتيجة التى وصلت إليها مراقبتى لما يحدث من حولى إننا مصابون
بمرض الألفة وليس النعم فقط بل ألفة الحياة بما فيها من نعم وألم إلا من رحم ربي
منا .. نسينا فى غمرة الحياة أن نشكر الله على دوام أحوالنا من صحة ورزق والحياة
فى حد ذاتها كما نسينا أن نشكره إنه تعالى عفانا من ابتلاء أصاب به غيرنا ، ويكون
شكرنا بأبسط الطرق هو رقة القلب والدعاء لهم برفع هذا البلاء ومن يستطع يساهم
بأمواله فهذا نعمه أخرى ألهمه الله بها . قرأت .. فأنبهت .. فقيمت نفسي .. وأعلنت
خطئي .. وأرجو منك عزيزي القارئ أن تجعل من كلماتي نقطة لتقف وتقيم نفسك هل أصبت
أنت أيضاً بمرض الألفة أم كنت من القلة التى عافها الله؟ 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر