كم عمر روحك!

كم عمر روحك!:

كم عمر روحك!
فاطمة عمارة
"كبرنا" كلمة يرددها البعض بشكل
دائم في كل موقف ويستخدمها كسبب لرفض اقتراح يُعرض عليه، يشعر من حولة دائماً إنه
خسر في سباق العمر ولم يعد عنده القدرة على مجاراة ما يحدث حوله. ينظر إلى العمر
كما ينظر إلى حسابه بالمصرف كأنه يتضخم بمرور الأيام، وفي بعض الأحيان بتسارع أكثر
من أمواله التي تغطي مسلتزمات حياته.
في العادة نجلس خلف عجلة القيادة نراقب
عداد الكيلومترات يسجل خطواتنا على الطريق، تارة يجرى بسرعة، وأخرى يسير كالسلحفاة،
البعض منا لا يعنيه المسافات التي قطعها في رحلته المهم أنه استفاد أو استمتع بها
والبعض يحمل هم الطريق وطوله وما إستنفد فيه. الفريق الأول قرر الاستمتاع بكل
مرحلة من مراحل حياته، فللطفولة براءة وللشباب جمال وليأتي بعدها سن الاستقرار
والتحول الحقيقي في الإنسان والذي خصه الله سبحانه وتعالى بالذكر "حَتَّىٰ
إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ
أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ
أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ
إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ". فهو سن تمام استواء البنية العقلية
والجسمية وليس بداية الشيخوخة والخمول كما يتعامل البعض.
 لا
أعرف إذا كان من حسن الحظ أم من سوءه أن التقي في فترة قصيرة بشخصين، رجل وامرأة
كل منهما في مكان مختلف ويعمل عملاً مختلفاً عن الآخر وما يجمعهما هو تقارب سنهما
ونظرتهما لتلك المرحلة من العمر، وعلى الرغم من أن مظرهما الخارجي لا يشي بحقيقة
عمرهما إلا أن كل كلمة تخرج من فمهما تعلن عن روح عجوزة بداخلهما. روح أكبر بكثير
من عمرهما المسجل في شهادة ميلادهما. حاولت أن أوضح لهما أن العمر مجرد رقم لا يهم
والمهم روح وقلب الشباب داخلنا، وكان الرد القاطع " أعرف ولكني أشعر بالكبر
داخلي".
تذكرت وأنا أحمل نفسي على الرحيل بعيداً
عنهما تلك العجوز التى تخطت الثمانين ومازالت تمارس رياضة الجمانيزيوم التي
تعشقها، جلست مع حاسوبي أتنقل من مقطع فيديو لآخر استمتع بهؤلاء الذين رفضوا أن
تكبلهم أرقام وقرروا الحياة. أحيوا أروحهم فنشروا السعادة حولهم.
يقول د. خالد المنيف (مهما كان عمرك فلا
تكرر على نفسك وعلى من حولك كلمة (كبرنا) لأنها ستجعلك تشيخ مبكراً، استمتع بعمرك
أيا كان فالشيخوخة الحقيقية شيخوخة الروح.)


فلا تدعوا الهموم والآلام تقتل أرواحكم،
وتغير من شكل أجسامكم فتتحولوا لكهول في سن الشباب بل أسعوا إلى مواجهة الحياة
بشجاعة وأكسروا قيود وهم السن والهم، فكم من كبار في العمر صغار الروح،  نلتقيهم مملوئين بالأمل والتفائل كيفوا أنفسهم
لتحمل مصاعب الحياة برضا. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي