اليوم صفر

اليوم صفر:

اليوم صفر
فاطمة عمارة
اليوم صفر .. يوم خارج حدود الزمان ، يوم غير محسوب في الحياة، فأصل الحياة لا وجود له. حياة جافة ضاعت منها أسبابها، فهو كان السبب في نشأة القرى والمدن، وبسببه نشأت الحضارات، سيصبح الآن سبباً في زوال كل شيء، إنه الماء.
" اليوم صفر" مجرد موعد غير محدد الكل ينتظر حدوثه أو يسعى إلى دفعه بعيداً عن حدود مدينته وهواليوم الذي ستنقطع فيه المياه عن بعض المدن، وبدأ الإنذار بالفعل في يوم 1 فبراير بمدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا. فعلى مدار الـ 3 سنوات الأخيرة تعرضت المدينة لجفاف وندرة بالأمطار أدى إلى تراجع نسب المياه المتاحة بسدودها. فأمرت الحكومة السكان بمحاولة تقنين استهلاك المياه، أملاً في الحفاظ على مياه السدود التي انخفض منسوبها بشكل ملحوظ، الذين لم يلتفتوا كثيراً لأهمية هذا الأمر مما أدى إلى إجبارالحكومة على تحديد يوم بأواخر إبريل القادم لتطبيق أسلوب جديد، وهي تحديد  أماكن مخصصة لتوزيع المياه، لنيل حصة قليلة منها، لا تتجاوز الـ 25 لترا، في اليوم الواحد، قطع المياة عن البيوت.
هذا القرار دفع كثير من السكان لإتخاذ موقف جاد، ساعد على دفع "اليوم صفر" إلى شهر يوليو تحت مراقبة دقيقة لكمية المياة المخزنة خلف السدود، وعلى الرغم من هذا النجاح المؤقت فإن 54% فقط من السكان فقط هم الملتزمون بتعليمات الترشيد مثل تقليل عدد مرات غسيل الشعر واعادة استخدام مياة الاستحمام في صناديق الطرد بالحمامات.
هل نحن بمنجى من هذا المصير؟ للأسف لا، فتقرير هيئة الأذاعة البريطانية تضع مصر ضمن أحدى عشر دولة مهددة بخطر انقطاع المياة. ويقول تقرير آخر للأمم المتحدة إن البلد سيعاني نقصا حاداً في المياه بحلول عام 2025. الخطر قريب والتحذيرات متصاعدة، والدور الأساسي على المواطن وليس الحكومة، تغير عادات متوارثة مثل ترك صنبور المياة أثناء غسل الأواني والصحون وغسل الأسنان، تدفئة الحمام قبل الاستحمام وأطالة مدته، تلويث مياة النيل المصدر الرئيسي للمياة (97%) وهذا أمر مستحدث على المصريين الذين قدسوا النيل بل وجعلوه أبو الألهة.
 كل هذا الإسراف في استخدام المياة مخالف للسنة فقد مرالنبي صلّى اللَّه عليه وسلم بسعد بن أبي وقاص يتوضأ فقال : (مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ ؟ قَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَار) فهناك فرق بين إسباغ الوضوء وهو أن توفي لكل عضو حقه وإسراف وإهدار المياة أثناءُه. وهذا يتفق مع قوله تعالى (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) وهو ينطبق على كل مناحى الحياة.
مصر كانت مخزن الطعام للعالم القديم وقت سيدنا يوسف عندما وضع سياسة للنجاة في سنين الشدة وهي العمل الدؤوب وادخار في سنوات الرخاء حتى يمكن النجاة في سنوات الشدة وفي نفس الوقت الاستعداد للعمل الجاد بعد زوال الجفاف. وهذا هو المفروض اتباعه، نحن لا نعلم بالتحديد متى يقع المحذور ونصاب بجفاف ولكن نعلم بالتأكيد اقتراب حدوثه فمن ناحية  قلة الأمطار التي ستؤدى بدورها إلى قلة المصدر الرئيسي للأنهار بالاضافة إلى السد الجديد الذي تقيمه أثيوبيا. فلنبدأ بأنفسنا ونرشد استهلاكنا للمياة وننشر في دائرة معارفنا هذا الوعي والدور الهام لكل منا.
   


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر