صباح السعادة



صباح السعادة: صباح,السعادة



صباح السعادة
فاطمة عمارة
قامت جريدة واشنطن بوست في 2007 بتجربة اجتماعية، حيث وقف عازف كمان في
محطة مترو ساعة الذروة يعزف أشهر مقطوعات باخ لمدة 45 دقيقة، مر عليه ما يقرب من
1100 شخصاً وجمع خلالها 32 دولار توقف للاستماع 6 اشخاص فقط، انتهى دون أن يلحظ
أحد توقفه، كما لم يتعرف عليه أي شخص، فقد كان الموسيقار الشهير
جوشوا بيل وقيمة الكمان الذي يعزف عليه
3.5 مليون دولار وسعر التذكرة لحفلته 100 دولار.
تلك
التجربة كانت دراسة اجتماعية حول "الإدراك والذوق وأولويات البشر"،
وتوصلت إلى أن أحد الاستنتاجات الممكنة (إذا لم يكن لدينا وقت للتوقف والاستماع
إلى أحد أفضل الموسيقيين في العالم وهم يعزفون أفضل موسيقى تمت كتابتها على الإطلاق،
فكم عدد الأشياء الأخرى التي فاتتنا؟
)
 الجميل أن مثل هذه الدراسات تلفت
انتباهنا إلى أمور قد لا ننتبه لها في الواقع، إلا أن هناك نقطة مهمة غابت عن
أصحاب تلك الدراسة، إن الموسيقي الكلاسيكية على الرغم من أهميتها وابداع مؤلفيها
وعازفيها فلا يحبها الجميع ولها معجبيها، ولا يعني هذا عدم إدراك المارين لما يحدث
فقط ليس نوعهم المفضل من الموسيقي.
بالفعل
قيمة الفن بإدراكنا الواعي له، وليس الفن فقط الجمال بوجه عام، نسير في طريقنا إلى
العمل داخل جزيرة خاصة بنا، تزدحم رؤوسنا بأفكار وخطط ومحاولة حل مشاكل، نعزل
حواسنا عن كل ما حولنا، غير مدركين أننا نحتاج التواصل مع حاضرنا وما حولنا للوصول
إلى السلام النفسي والسعادة التي نبحث عنها، نجري طول الوقت وراء الماديات، لا
نكتفي ولا نرضي، لا يشعر عقلنا أننا وصلنا إلى المحطة التي بدء الانطلاق نحوها في
البداية فيستمر في توجيهنا للاستمرار دون إدراك لحظات لا تفوت.
قد
تكون السعادة في بساطة سيدة عجوز تلقي عليك تحيتها كل صباح وانت تمر من امامها
منشغل بذاتك، وقد تكون في نسمة هواء عابرة داعبت وجهك، يلفت انتباهنا الأضواء
المبهرجة ويغرينا صغب النجاحات الصغيرة، تفوت علينا الجلسات العائلية ولمة
الأصدقاء وتلك السفريات السريعة التي كانت تسعدنا ونحن صغار.
إن
السعادة نتيجة للرضا، لا تبحث عنها فسيمضي العمر ولن تجدها، أنها تطرق بابك كل
صباح وكل ما عليك أن تكون على استعداد لتدركها وتُحسن استقبالها وعندها سترضي.
الكلمات
الدالة:
واشنطن بوست – باخ - جوشوا بيل - الموسيقي الكلاسيكية- السعادة – الرضا – الفن - الإدراك
- الذوق - أولويات البشر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر