جردل مية متلجة

جردل مية متلجة




فاطمة عمارة
أطلقت منظمة تعتنى بمرض التصلب الجانبي الضمورى ALS حملة بعنوان ( تحدى
دلو مياة المثلج ) يهدف إلى نشر الوعى حول المرض وجمع أموال لصالح
المرضى.. وهو يصيب الجهاز العصبى بالضمور ويسبب نسبة وفيات عالية بين
مصابيه .
انضم
العديد من الشخصيات العامة للتحدى مما شجع على انتشاره حول العالم بدء فى 1
يوليو ووصل عدد المشاركين  الى 28 مليون شخص سجلتهم الاحصائيات حتى 17
اغسطس .. شملت التعليقات والاعجاب والنشر على المواقع الاجتماعية ووصل عدد
الفيديوهات المصورة الى 2.4 مليون فيديو .
قابل
هذه الحماسه موجة قوية من الاعتراض.. وكنت احد المعارضين .. فما وصلنى
اننا نقبل التحدى وننفذه ونهدر ماء صالح للشرب بدلا من دفع اموال التبرع
..واعترض آخرون لاسباب اخرى .. إلا ان تفكيرى اخذ مَنحى مختلف بعد قرأتى .
فكبداية
اعتمد التحدى على أن كل شخص يقع عليه الاختيار، يجب أن ينفذ التحدى و
يتبرع بـ 10 دولار، أو يدفع مائة يورو لمؤسسة علاج التصلب العضلى ، أى ان
التحدى ليس للتهرب من دفع الاموال ولكننا اخذنا الجانب الترفيهى منه فقط
.فقد فات كثيرون ان اختيار الماء المثلج له سبب .. ففى تلك اللحظة التى
يتجمد فيها جسمنا وهذا الالم الذى يسرى بسرعة هو نفسه احساس المرضى المستمر
معهم دائماً.. فالهدف ايصال معاناة المرضى ومشاركتهم  جزء منه.
هذا
التحدى يندرج تحت  " التسويق الاجتماعى "  و هو التسويق الذى تترجم أهدافه
وعملياته وخططه لاعتناق مبدأ أو لتبنى فكرة ما، فالهدف دائماً منه هو نشر
المبادىء الإيجابية والقيم في المجتمع . بدء هذا النوع عام 1970على
يد فيليب كوتلر و جيرالد زلتمان اساتذة التسويق العالمين .. ووضح تعريفهم
ان هذا التسويق يقوم على التأثير فى السلوك  الاجتماعى لتحقيق منفعة
الجمهور والمجتمع وليس المعلنين ..
استفاد
البعض من الفكرة  فسجل فلسطينى تحديه بدلو فارغ واشار الى انقطاع المياة
بسبب قصف غزة وأخر بسكب دلو رمال وطوب اشاره لانهيارات المبانى فوق الرؤوس
.. كما سجل البعض بدون استخدام دلو معلنين رفضهم للحفاظ على الموارد ..
واطلق سورى حملة بنفس الاسم واستفاد من الفكرة ووجهها لصالح منظمة تدعم
التعليم للشباب السورى شارك فيها شخصيات عامة سورية وحققت نتائج كانت أفضل ب
100 مرة عن جميع الحملات السابقة لتوعية الجمهور حول قضية التعليم، وزادت
التبرعات بنسبة واضحة .
يُصدر
الغرب الكثير من الافكار نُساق خلفه ولا يسعى احد الى الاستفادة منها واخذ
ما ينفعنها .. يحتاج مجتمعنا " جردل مية متلجه " ليفيق لمشاكله التى اصبحت
تنخر فى اساسه كالسوس .. فلم لا نجد حملات توعيه اجتماعية بنفس ذات
التأثير القوى لصالح اطفال الشوارع .. او لنظافة الشوارع .. او تعليم افضل .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي