إلى عرفات الله

إلى عرفات الله








فاطمة عمارة
يأتى شهر ذو الحجة
محملا بنسمات البقاع المباركة تحرك داخل النفوس اشتياق دائم لا يخبو الى بيت الله
الحرام ومسجد رسول الله.. يعاودنى كل عام الحنين اليه وذكريات تلك الحجة التى انعم
الله على بها استشعر فى كل دقيقة روحانية اللحظة.
عندما لبى الحجيج
( لبيبك اللهم لبيك ) لبى معهم قلبى وكل جوارحى .. فقد دعانا ذو الجلال والاكرام إلى
بيته ونحن نلبى النداء نعلن ايماننا الكامل به وحده لا شريك له نحمده على ما رزقنا
من النعم نسلم له القلوب والنفوس والابدان ..تطوف القلوب بالبيت الحرام قبل طواف
الاجساد التى تحملها تتعلق العيون باستار الكعبة وتفيض بدمع الشوق والفرحة .. شوق
لا ينقطع ابدا الى البيت والحرم وفرحة لنعمة الله التى وهبنا اياها فاكملنا اركان
الاسلام فى سن صغير .
الحج مشقة ..
ومشقته ليس فقط فى اركانه ومجهوده البدنى .. انما مشقته النفسيه اكبر ..فعندما
نوينا الحج اخذنا فى الاعداد له والمتاع ليس متاع سفر قدر ما هو متاع وزواد دينى
.. اخذت اسعى لقراءة ومعرفة كل شئ عن الحج واستمع الى ما تذيعه اذاعة القرآن
الكريم من برامج واجابة عن الاستفسارات التى تدور فى خلد الحجيج .. فى هذا الوقت
شعرت ان روحى من الداخل تغسل وتصفى استعدادا لتلك الرحلة الروحية .. ادركت بعد هذا
ان هذا الصفاء الداخلى كان إعداد لخطوة تعد كبيرة عند الكثيرين وهى المسامحة ..فقبل
الحج كما نسدد ديوننا المادية يجب علينا تسديد الديون الادبية .. نطلب العفو
والمسامحة من كل معارفنا ونسامح كل من اساء الينا قبل ان نتوجه الى الرحلة الكبرى
التى ينقينا الله فيها من كل دنس.
تركنا الدنيا وما
فيها واستودعنا اولادنا واهلنا من لا تضيع عنده الودائع .. توجهنا الى مدينة رسول
الله صلى الله عليه وسلم كأننا نجلس بين يديه قبل التوجه الى الحج .. وعلى الرغم
من قصر الزيارة إلا أنها تركت عظيم الاثر داخلنا ..لننطلق بعدها محرمين ملبيين
متجهين الى الله تعالى .حملنا بحر الحجيج نطوف .. ونلبى.. ندعو ونبكى .. نطلب
العفو والغفران من الله الغفور الرحيم .. وسعينا بين الصفا والمروة ولم تتوقف
القلوب قبل اللسان عن اللهج بالدعاء تارة همساً وتارة جهراً.
هذا هو الحال
يتغير المكان ولا يتوقف الدعاء ، ننتقل الى عرفات وتستمر والوتيرة لترتفع مع قرب
انتهاء اليوم وغروب شمس هذا النهار المبارك .. وننتقل الى نسك اخر وطواف اخر وبين
كل هذا نسرق دقائق قليلة تغفو فيها العيون لننتبهة خشية دقيقة تمر ولا نغتنمها ..
نطمع فى الاستذادة من هذا الحب الالهى الذى غمرنا وهذا الكرم الذى احاطنا به فنحن
ضيوف عند الكريم فلا كريم بعده.
تمر ايام الحج ..
وتمر بعدها الاعوام .. والقلب متعلق ومشتاق يدعو الله ليل نهار ان يرزقه بعمرة او
حج فنلبى النداء والدعوة .. فالقلب مشتاق والروح عطشة .

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مبروك.. معلش.. يا دى النيلة - الأهرام اليومي

حكم الهوى

إبن تائه وأب حائر